ووالله إنه لما يذيب حبة القلب أن يجد المؤرخ نفسه مضطرًا بعامل الإخلاص للتاريخ الذي يوجب على الكاتب أن يسوق الحقائق في ثوبها عاريةً من الكذب فيذكر للقارئ ذلك، والله المستعان.
[المملكة العربية السعودية علي أثر حادثة ابن رفادة وما صنعه المغرضون]
رأى أهل الحجاز أن يقدموا طلبًا إلى صاحب الجلالة أن يحول اسم ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها إلى توحيد الكلمة، وأن يحول اسم المملكة الحجازية النجدية إلى اسم المملكة العربية السعودية، وطارت البرقيات من كبراء البلاد ومن أفراد الأمة ومن البلدان والقرى والحضر والبوادي إلى الملك العظيم فأجابهم إلى ما طلبوا، وأصدر مرسومًا ملكيًا برقم ٢٧١٦ أمر فيه بتحويل اسم المملكة القديم إلى هذا الاسم الرائع القوي ابتداءً من يوم الخميس ٢١ جمادى الأولى ١٣٥١ هـ الموافق ٢٢ سبتمبر ١٩٣٢ م، وكان إصدار الأمر قبل الابتداء بأربعة أيام، وما كاد هذا النبأ يصل إلى الأمة حتى استعدت لإقامة مهرجانات استقبالًا ليوم الخميس تعبّر فيه عن سرورها بهذا اليوم التاريخي المجيد الذي نالت فيه رغبتها، وظهرت بمظهر الوحدة أمام الأمم الأخرى، وخطب الخطباء، وكتب الكاتبون، ونظم الشعراء حتى انطلقت المملكة تصيح بالهتاف والتكبير والتصفيق، وتكلم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل في صدر المهرجان بكلمة قال فيها:
لا أستطيع أن أعبر لكم عما يخالجني من السرور في هذا اليوم الذي منَّ الله به على هذه الأمة العربية المسلمة بتوحيدها ضمن مملكة واحدة، إن جلالة الملك يشكركم على هذه الغيرة التي أبديتموها والإخلاص الذي أظهرتموه، وقد تفضل جلالة مولاي نزولًا على رأي الأمة فأصدر أمره الكريم بالموافقة على رغباتكم، ثم إنها أطلقت المدافع واختالت البلاد في أجمل الحلي ابتهاجًا بيوم الوحدة، وختمت الحفلات بخطاب ألقاه الأمير سعود بن عبد العزيز في شدة الفرح بهذا الاتحاد.