ولقد شبع هذا الولد من كلائة أبيه، وبما أنه يحب مجاملته فقد أجاب بعض طلبه وسار إلى جهة الكويت، فنزل الصبيحة على مسافة يوم من العاصمة، فكتب إليه ثانيةً يلح عليه بالقدوم إليه فأجابه عبد العزيز بقوله إني الآن لقريب من الكويت فليتقدموا لي.
وبينما هو في الصبيحة كتب إليه الوكيل السياسي لبريطانيا العظمى في الكويت يستأذن بالمقابلة فضرب له موعدًا في ملح واجتمع به هناك، جاء الوكيل في السيارة وجاء سائقها بكتاب من مبارك يقول لكن صلبًا معه يا ولدي - يعني الوكيل - فلا تكمنه من شيء ولا تعطه الجواب الشافي، فلم يرَ عبد العزيز بأسًا في مجاملة مبارك في هذه المرة لأنه لم يكن قد قرر خطته السياسية اتجاه الترك والإنكليز، فقال للوكيل لا يمكن أن نقرر شيئًا اليوم، ولكن والدي مباركًا ينوب عني، فعاد الوكيل غضبًا إلى الكويت وركب ابن سعود ضاحكًا وعاد إلى معسكره في الصبيحة.
ثم جاء بعد ذلك بقليل السيد طالب وافدًا إلى ابن سعود ووصل مع ذلك رسولٌ من مبارك يحمل كتابًا من الوالد مبارك الحانق الحاقد اللائم الشاتم، وقد كان ناقمًا على الوفد لأنه لم ينتخب لرئاسته، وكان في هذا الكتاب التحذير لعبد العزيز من هؤلاء الكذابين المكارين الخداعين، كن صلبًا عليهم يا ولدي ولا تمكنهم من شيء، ولا تصدق ما يقولون أنهم كذابون خداعون، وكان جبير بن مبارك يومئذٍ عند ابن سعود فأطلعه على كتاب أبيه قائلًا له: تراه يحذرني من الإنكليز ويحذرني من الأتراك، وهل في إمكاني أن أحارب الجهتين؟ فأجابه جابر قائلًا له: انظر إلى ما فيه مصلحتك واترك الناس.
[ذكر عقد المعاهدة بين ابن سعود وتركيا سنة ١٣٢٢ هـ]
عقدت جلسة المؤتمر الأولى وجابر بن مبارك ورجاله حاضرون، فألقى عبد العزيز ابن سعود كلمة زعزعت المؤتمر وسربها الحاضرون، فقال إذا كنتم تبغون مصالحتي فدونكم والدي مبارك بن صباح فهو الواسطة بين وبينكم، ولست قابلًا