نفيه لم يبرر ساحته فأوقف يومًا واحدًا ثم أخلي سبيله. وكان الأمير البدر إذ ذاك غائبًا وبعد ما قدم ووجد والده الإِمام بحالة خطيرة وعاده وخرج أعاد السلال إلى حرسه الخاص من جديد. ولمَّا أن تولى محمد البدر عينه رئيسًا للحرس الملكي ورئيسًا لأركان القوات المسلحة ورفعه إلى أعلى المراتب.
[صفة الإنقلاب]
لما كان بعد وفاة الإِمام أحمد بثمانية أيام ليلة ٢٦ أيلول سبتمبر ١٩٦٢ م. الموافق لليلة الأربعاء ٢٧ ربيع الثاني ١٣٨٢ هـ في ساعة متأخرة من تلك الليلة وهي الحادية عشرة قبل منتصف الليل لما انفض مجلس الوزراء وأخذ الإِمام محمد البدر طريقه نحو الخروج إذا بأحد الضباط يحاول إطلاق النار من خلفه عليه فشعر به وعاد إلى غرفته. ولم يهتم بالأمر حينما قيل له: إن هذا الضابط مشتبه في أمره. ثم أمر بالتحقيق في تصرفه، ثم أنَّه أتاه بعد نصف ساعة أحد الحراس وقال: إنّه يسمع أصوات دبابات تتحرك. ولم تلبث أنوار المدينة أن أطفئت وعند منتصف الليل أخذت الدبابات في القصف بالقصر الملكي.
هذا صورة ما جرى ومن العجائب أن والد الإِمام البدر قد حذره من السلال وأن لا يخرج من سجنه وتشدد عليه الرقابة. وذلك لما يعرفه عنه من الكيد والمكر. غير أنَّه لا يغني حذر من قدر. ولمَّا سئل البدر بعد قيام هذه الفتنة عما إذا كان قد شك يومًا في تصرفاته السيئة أجاب بأنَّه كانت تبلغه أخبار عنه غير أنَّه كان يتجاهلها، فسئل ما هو السبب في ذلك؟ فأجاب أنَّه كان يظن أنَّه وفي أمين وأنَّه كان الوحيد الذي يقف إلى جانب السلال ويدافع عنه في أيام والده.