فما كان يتعارف به أحد ويستطيع أن ينفك من وثاق صداقته وله مقام كبير لدى آل سعود لإخلاصه وله ذكر طيب داخل البلاد وخارجها وكان بيته مفتوحًا للزائرين من الوزراء والعلماء والأعيان ولهذا البيت مكانة عظمى عند حكام الحجاز وهو من أكبر أعيان مدينة جدة بل من أكبر أعان الحجاز ومدارسه ومذاكرة ومراجعة في مكتبته الكبرى وكانوا يراجعونه في المشكلات العلمية فيجدون لديه كشفها ولما تقدمت به السن كان يقول للمراجع قم لهذه الخزانة ويشير إلى إحدى خزانات الكتب وخذ الكتاب الفلاني فالمسألة فيه فإذا أتى بالكتاب أخذه وأخرج لهم المسألة ثم يعلق عليها بما يعرفه نتيجة دراساته الدائمة وقل أن يوجد عالم أو طالب علم باحث ومحقق إلا ويعرفه ويعرف داره وجعل الله له شهرة بين الأمة.
[وفاؤه وكرمه]
كان مما امتاز به عن بني جنسه أنه إذا غاب عنه مجالسه يسأل عنه ويزوره وكان يزور إخوانه وهو في مرضه الأخير وقد كان ينبغي أن يزار ولا يزور. قال عنه أحد أصحابه أنه زارني في لندن لما ذهب للعلاج فيها ولما تقدمت به السن وأحس بالضعف العام صار يتقوى على الضعف والمرض بالصبر ولم يتغير نظامه في مجلسه واستقباله للضيوف فقد كان يطرق أبواب الصحة ويبحث عنها في عقاقير الأطباء وفي الابتهالات والدعاء لله سبحانه وتعالى فلا يوجد معه عند الاجتماع به حتى في أيامه الأخيرة غم أو قلق أو ضجر فلا يوجد إلا باسمًا متحدثًا ليدخل السرور على جلسائه بمزاحه اللطيف ونكاته التي يقتضيها مقام الحديث فلم يضعف أبدًا رغم حملات الضعف عليه وكان مصليًا صائمًا ورعًا يخشى الله ويراقبه ويقول زواره أنا إذا زرناه نجده إما يتوضأ أو يصلي أو قد انتهى من الصلاة أو بيده كتاب يقرأه ولقد جرى عليه نكبة من الأشراف بسب تهمة موجهة إليه بأنه يميل إلى آل سعود لأنه متصف بسمات وصفات أهل الدين والإيمان فرماه الأعداء بقوس العداوة وما زالوا يقذفون عليه حتى اعتقله علي بن الحسين الشريف وثلاثة معه ونفاهم إلى والده في العقبة فألقاهم الحسين هناك في قبو مظلم لا فراش فيه ولا نور ولقي إهانة