لما طارد السعوديون ابن رشيد من قصر ابن عقيل وأغاروا عليه أدركوه في وادي الرمة في اليوم ١٨ من شعبان فأناخ هناك وجمع جيوشه ثم إنه نصب المدافع وبني بيوت الحرب، وشجع قومه واستبسلهم، فثبتوا للسعوديين فتهاجم الفريقان إلى منتصف النهار وكانت الغلبة أولًا لابن رشيد.
ثم إن ابن سعود عندما رأى جناح العدو متقهقرًا صمد لهم بهجمة عنيفة وشوهد منه بسالة لا تنسى، فهدم بيوت الحرب واشتد الحرب والضرب والطعان واشتبكت بين الفريقين ملاحم تشيب لها النواصي وتعجز عن مقاساتها الجبال الرواسي، وحصلت ذبحة هائلة، فانكسر ابن رشيد وولت عساكر الأتراك الأدبار لا يلوى أحد على أحد، وانهزم ابن رشيد ورجاله وفرّ الجميع هاربين، فاراد ابن سعود أن يتعقبهم ولكن الحملات والأموال والغنائم شغلتهم عن تتبع الفارين، فشغلوا بها حتى جنّ الليل وهم ينهبون بها، ثم عادوا في اليوم الثاني والثالث والرابع وظلوا عشرة أيام وهم يجمعون الغنائم من الأسلحة والذخائر والأمتعة والثياب والنقود سوى الإبل والغنم، وما وجدوا من الأموال بين تلك الأحمل من صناديق الذهب والفرش والمؤن، فحملوها إلى عنيزة مقر ابن سعود فوزعها مثل بقية الغنائم على رجاله ولم يأخذ منها شيئًا لنفسه.
تالله إنها لغنيمة عظيمة جسيمة قسمها ابن سعود بين رجاله فأصاب الرجل الواحد مائة وخمسين ليرة ذهبًا وبضعةً وعشرين بعيرًا إلى ما لا يقدر من الأثاث وغيره من الأشياء الثمينة.
وقضت هذه الوقعة على ابن رشيد وعساكر الدولة وقضت وقعة ذي قار على الفرس، وكانت هذه الواقعة الحاسمة قد غيرت مجرى التاريخ في جزيرة العرب وانفصلت عن نتيجتين إحداهما نفوذ الأتراك وهيبتهم في نجد قضاء مبرمًا وزعزعت ملك ابن رشيد فلم تقم له ابن رشيد قائمة بعدها.