أمَّا عدله وإنصافه فإنَّه موضع الإعجاب وتضرب الأمثال في عدله فلقد كان ينصف من نفسه ويعاقب أولاده وأهل بيته إذا اعتدى منهم أحد أشد العقوبة ولقد ضرب أحد أنجاله ضربًا مبرحًا، وأمر به إلى القلعة يسجن فيها على انفراد فسجن ومكث في السجن مدة حتى أطلقه برجاء ولي العهد وهذا بسبب أنَّ النجل ضرب بدويًا فشكاه البدوي على أبيه وهو لا يعرفه فأحضر أبناءه ليتبين ضاربه فلما تبين غضب عليه غضبًا شديدًا وقال له: أضربته فصمت الابن ولم يرد جوابًا وعرف أن إنكاره واعترافه سيان وليس أحدهما بمنجيه عن العقاب فصمت ثم نظر ابن سعود إلى المعتدى عليه وسأله بمَّ ضربك فأجاب البدوي قائلًا: بالعصا يا طويل العمر، فقال له: قم فاضربه واقتص منه فاستجمع هذا الأعرابي باكيًا لعدل هذا الإِمام وقال: لا أستطيع، فقال: قُم هداك الله قُم يا رجل لا تخف إنَّ العدل سوى بينك وبينه بل أنت أعظم منه لأنَّ الحق لك وهو أصغر منك لأنَّ الحق عليه. فأجاب الأعرابي إنِّي متنازل عن حقي ويكفيني هذا العدل فلما تنازل المظلوم عن حقه ظنَّ الابن أنَّه سيسلم من العقاب فنظر ابن سعود إلى من بالمجلس نظرة ارتاعوا لها وصاح بابنه أتظن أن انتسابك إليَّ يمحو عنك العقاب أو يخولك الاعتداء قد بقي الحق العام ثم أدبه تأديبًا بليغًا. وتفقد مرة بعد صلاة الجمعة ابنًا له فلم يجده في المسجد ووجده في البيت فسأله عن سبب تأخره عن الصلاة فأجاب بأنَّه تأخر عن غير قصد فجاء ولم يدركها ورجع فأمر بسجنه وسجن خدمه جزاء لهم على هذا التأخُّر وليأتوا مبادرين إلى الجمعة. وقد عثر مرة على أناس كانوا في لهو ولعب ويجتمعون في موضع بلا مراعاة لحضور الصلوات فضربوا ضربًا مبرحًا وأزال تلك الحديقة التي كانوا يجلسون فيها ولقد وقفت على قصره ذات يوم امرأة مسنة تشكو إليه أمر قضية لها في