في هذه السنة اشتدت المؤنة على كثير من المسلمين بحيث أن الوضع يتطلب حاجات لم يكن الناس يعرفونها من قبل، فقد كان البيت في الوقت الحاضر يستدعي استهلاكًا من مادة الغاز والوقود الذي أصبحت الأمة معتمدة عليه تاركةً الحطب بجملته، فكان الطبخ مثلًا بجميع ما يحتاجه المواطن من أرز وجريش وسليق ولحوم بأنواعها، وفول وشوربة، وأوعية المأكل والمشرب، واليقطين والخبز وغير ذلك على مادة الغاز الذي ارتفعت قيمته إلى الضعف من قبل، وأصبح مسير العالم على الجملة في السيارات وجميع النقل برًا وبحرًا وجوًا على مادة البنزين، فهو وقود النقل والذهاب والإياب على المخترعات الحديثة بالرغم من غلائه وارتفاع قيمته، كما أن الكهرباء هو مادة الحياة، بحيث كانت الإضاءة والمراوح المتنقلة والسقفية، ومكبرات الصوت والغسالات، والسخانات والبرادات والثلاجات وغيرها عليه، بحيث لو تعطل التيار ليلًا أو نهارًا لخربت جميع الأغراض التي كانت الحياة متوقفة على مصلحتها، وأصبح الخبز الذي كان هو مادة الحياة في هذا الزمان من الأفران وغيرها على ذلك الوقود بالرغم من غلائه وتعاطيه بقيمة باهظة، وكانت الأمة من قبل يسافرون على الإبل والحمر والبغال التي تسير بقوائمها، وتقطع المسافات القريبة والبعيدة، وكنت قد أدركت مراكب الناس في الحجاز ونجد واليمن والشام والعراق وغيرها على الحمر والإبل التي وقودها البرسيم والأعلاف، ونوابت الأرض، وفضلات أطعمة الناس، فحدّث ولا حرج عن كل ما استبدل عنها من أمور يقصر الوصف عنها، فقد كان الفقير قد كلَّ كاهله عن حملها، فيا ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به، وإن بإمكان الولاة هداهم الله أن يراعوا حالة الشعوب، أما عند انتهاء الشهر فلا ننسى رسوم الماء الذي جعله الله مادة الحياة، ورسوم الهاتف، ورسوم الكهرباء، وقد حدثني صاحب مكتبة قال: كنت أبيع من المحابر والدفاتر والأقلام والبرايات والمحايات، وما تيسر من الكتب إن قدر ذلك، وقد لا يبلغ