أما صالح الحسن فلم يقعد به شره ولم يفتر له همة، وقد علم ابن سعود ذلك على جهة التأكيد في حال إقامته ببريدة بعد قتل ابن متعب إنه اتفق وصدقي باشا على أن ينسحب بعسكر الدولة من الشحية ويحتل بريدة، فسارع ابن سعود إلى بريدة وقد أمن من ابن رشيد بذلك الصلح حتى يقضي على حركة صالح الحسن بن مهنا.
[ذكر قتل صالح الحسن بعد إجلائه]
إن صالح الحسن والحق يقال يجب عليه أن يكون سامعًا مطيعًا لأوامر ابن سعود ويدين له بذلك لأنه أمير من أمرائه خادم من خدمه، غير أنه غره الأعداء وسولت له نفسه الاستقلال والاستبداد.
ولما أن قدم ابن سعود إلى بريدة اجتمع بزعمائها وكبرائها وشكى إليهم خيانة صالح وتمرده ونفاقه وعدائه، فبينوا خطأه وطلبوا عزله لأنه تعدى طوره، فقبض عليه ابن سعود وعلى أخيه مهنا وأجلاهما إلى الرياض، وأقام مكانه ابن عمه محمد بن عبد الله آل أبي الخيل أميرًا على بريدة، وعاد ابن سعود بعد ذلك إلى الرياض وجد صالحًا وأخاه قد فرا من الرياض، وذلك لأنهما أودعا في السجن للنظر في شأنهما، ولما وجدا من السجان غفلة خرجا وقتلا السجان وعذبا المراقب وفرا على وجهيهما لأنه وسع لهما هناك، فتتبعهما الأمير محمد بن عبد الرحمن في الفضاء حتى أدركهما فقتلهما جزاءً وفاقا وما ربك بظلامٍ للعبيد، وكان صالح هذا شجاعًا وذا شخصية بارزة وله مقامات في واقعة البكيرية، ولكنها تكررت خيانته مع ما يتوقع من شره، فقد تمرد على ابن سعود ولبته مطير وجعل يجيز الجوائز السنية، أضف إلى ذلك أن الشاعر العوني جعل يؤلب عليه ابن سعود ويهيجه، وقد قال الشاعر العوني في تألبة لابن سعود عليه: لا تأمن محمد بن عبد الله أبا الخيل فإنه ابن عم صالح وطريقتهما واحدة، وقد وقع ما أشار به هذا الشاعر، غير أن ابن سعود أقره على إمارته تسكينًا للثوائر، ولكن العوني وإن كان ناصحًا بهذه المشورة والنصيحة