ففيها وفاة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري رحمة الله عليه. وهذه ترجمته: هو الشيخ الإِمام العلامة العلم الشهير والبحر الغزير والحبر النحرير أبو عبد العزيز عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم بن سليمان بن ناصر العنقري. كانت أسرته من العناقر التي تنتمي إلى بطن يسمى أنف الناقة من بني سعد بن زيد مناة بن تميم، وأصل هذه التسمية أن جده جعفر بن قريع بن بطن بن سعد بن زيد مناة نحر والده جزورًا فقسم بين نسائه فبعث جعفر أمه إلى أبيه يطلبون نصيبهم من الجزور ولم يبق إلَّا رأسها وعنقها فقال شأنك به فأدخل جعفر يده في أنفها وجعل يجرها فلقب به وكانوا يغضبون من هذا اللقب فقدر أن الحطيئة استضافهم فضيفوه فامتدحهم الحطيئة بقصيدة منها هذا البيت الذي قلب اللقب إلى الفخر: -
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم ... ومن يسوى بأنف الناقة الذنبا
كانت ولادته رحمة الله عليه في مطلع عام ألف ومائتين وتسعين من الهجرة ببلدة ثرمدا إحدى بلاد الوشم وكان عبد العزيز والد المترجم يكدح لكسب قوته وقوت عائلته ولم تدم حياة والده فقد توفى ولم يبلغ المترجم السنة الأولى من عمره فانتقل إلى كفالة أحد أعمامه وتربى لدى من ذكر. ولما أن بلغ السابعة من العمر فقد بصره فأصبح ضرير البصر يتقلب في ضيق من العيش ويكابد قساوة الحياة وهو صابر محتسب فيا لهذه الحالة الراهنة التي كان الشيخ فيها وكانت ثرمدا كغيرها إذ ذاك من القرى محرومة من رجال العلم بل كان الشخص يكتفي بأن يحفظ ابنه القرآن الكريم في مدرسة البلدة وقد يتعلم الكتابة فحفظ الشيخ عبد الله القرآن الكريم وهو في الثانية عشرة من عمره وجعلت نفسه تميل إلى طلب العلم والجد والاجتهاد، فسئم الحياة في بلدته واضطرَّ إلى مبارحتها لطلب العلم فسافر