أما عبد العزيز فوجده ثائر الرأس يصارع الصبيان ويغالبهم، فلا يدعهم يستريحون يقول أنا الأمير عليكم وبعدما سبرهم الرسول، وأقام في الكويت بضعة أيام رجع إلى حائل يحمل أخبار أولئك الأنجال
ما وجدت يا "بعد حي".
أيها الأمير وجدت أنجاله اثنين الذين يشار إليهما محمد الكبير عليه الحياء والسمت، ووجدت عبد العزيز ثائر الرأس يصارع الصبيان ويغالبهم فيغلبهم كأنه مجنون، والذين حواليه في عناء شديد منه، وقد يلبس العقال ويضرب بعصاه الأرض ويهذي قائلًا أترون صاحب هذا المحجان يحكم في نجد، وأما بقية الأنجال بعد عبد العزيز الذي عمره اثنتا عشرة سنة فصبية صغار لا معرفة لديهم، فانذعر محمد بن رشيد يقول "يلهن حيك" أيهم المصارع؟ فأجاب عبد العزيز هو عبد العزيز، عبد العزيز الذي يصارع، فجعل ابن رشيد يقول خف من المصارع، أنا أخشى ممن يصارع، أخشى من عبد العزيز ومصارعته، هذا كلام محمد بن رشيد بحروفه، ويعدّ من دهائه وغوره لأنه وقع ما كان يتوقعه.
[ثم دخلت سنة ١٣١٠ هـ]
ففيها دعى الأمير محمد بن عبد الله بن رشيد بمحمد بن هندي إليه بعدما أضعف جانبه باستجلاب كثير من قومه، ولما حضر بين يديه جعل يتهدده ويتوعده كأنه قد بلغه ما يريبه عنه، وقام رجل من أتباع ابن رشيد يدعى الطوير موافقة للأمير، فجعل يتكلم في حق محمد بن هندي ويقول: كأني بالمغاتير والمجاهيم تؤخذ منك، وإني لأرجو أن أتولى نهبها من بين يديك، فرد عليه ابن هندي قائلًا: قبحًا لك وما حصلت عليه إذًا، إنك لم تحصل إلا على الخزي أخذك الله، وكان محمد هذا رجلًا تقيًا وذا عبادة، أضف إلى ذلك شجاعة تضرب الأمثال بها، فاستمر ابن رشيد في تأنيبه حتى قال له: يا ابن هندي انج بنفسك فلك الهربات، فقام من عند ابن رشيد بعد العصر، وسار معه أربعة من رجاله حتى أشرف على قومه وأدباشه