والأسى يملآن كل نفس عندها، ذهب تشمبر لن مرة أخرى وقابل هتلر في جود سبرج على نهر الراين فوجد أن الدكتاتور يريد الآن أكثر مما أخذ فلم يستطع تشمبر الموافقة على ذلك فعلم أنه اقترب شبح الحرب وظلل سماء أوربا في أواخر سبتمبر ١٩٣٨ م، وأخذ الناس يتسابقون لاقتناء الكمامات الواقية من الغازات السامة وحفر الخنادق في المنتزهات والجنائن خوفًا من الغارات الجوية، وثم ذهب المستر تشمبر لن مرة أخرى إلى ميونخ وقابل هتلر وحضر الاجتماع أيضًا المسي دلادينه والسنيور موسوليني زعيم إيطاليا، ولم تدع روسيا كما أن تشيكوسلوفاكيا لم تدع ولم تستشر، وإن كان الخبر أو الشر راجعًا عليها، وقبلت جميع طلبات هتلر في هذا الاجتماع، وقد هدد الغو هرر المجتمعين بأن عدم قبولها سيثير الحرب، ووقعت الدول الأربع اتفاق ميونخ في ٢٩ سبتمبر، ولا يخفى أن ذلك فعلته الدول الأربع وإن كان فيه العار والشنار عليها تسكينًا كهدنة أخذت فيها تعد نفسها لحرب طاحنة.
[التعريف بهتلر]
لما أن كان هذا الرجل هو المثير للحرب العالمية الثانية أحببنا التعريف به إذ كان جبارًا متعاظمًا، ولضخامة الحرب فلا غرابة إذا عرفنا كثيرها:
هتلر كان رجلًا عظيمًا، ومن أخلاق ألمانيا وعاداتهم أنهم عرفوا بعلو الهمة والنشاط وقوة الإقدام، وغاية التبصر والتأني، والرسوخ والفطنة والشجاعة والبسالة، ودقة السياسة، ولولا فقرهم بالنسبة إلى أمم أوربا لدانت لسطوتهم بقية الأمم، وكان هتلر يؤثر القسوة والوحشة ويأخذ بالأمثال التي ينتج عنها ذلك، كان في أول أمره صعلوكًا، فتشبث بالعمل بالإجرة وكان لا يزال محتقرًا لأنه من غير بيت حاكم، ولم يكن مواطنًا ألمانيًا إلا قبل تسلمه الحكم بسنة أو سنتين، بل كان ألمانيًا نمساويًا، وقد اشترك في ثورة فاشلة ضد الجمهورية الألمانية وحكم عليه بالسجن، ولكن الحكم قد خفف عنه ثم ألّف حزبه المسمى الحزب الوطني