عظيمة مادت لها بلاد الشام من أقصاها إلى أقصاها، وكان يتبجح ويتعاظم ويتغطرس لإعجابه بنفسه، ثم إنه تولى إمارة شرق الأردن بعدما اجتمع بالمستر تشرشل وزير المستعمرات البريطانية يومئذ.
[فيصل بن الحسين]
ولد في ١٣٠٢ هـ وكان مفكرًا نبيهًا، بل إنه أنبه إخوته وأدهاهم وأنبلهم، ولما خرج من سوريا ذهب إلى أوربا يجول فيها عساه أن يجد تاجًا أو يصادف ما يبدد حزنه ويسليه عما أصابه، وما هي إلا أيام قلائل حتى منحته الحكومة البريطانية تاج العراق، بينما أن عبد الله يحلم بملك العراق العتيد وشبح في هذه الآمال إذا بالخبر يفاجئه أن أخاه فيصلًا وصل من لندن إلى القاهرة، ومنه سافر إلى الحجاز فدخل مكة لأول مرة بعد خروجه منها على رأس الجيش الشمالي، وبعدما أقام أيامًا ركب باخرة خاصة أقلعت به إلى البصرة فبلغها، وكان تتويجه على العراق في ٢٠ ذي الحجة سنة ١٣٣٩ هـ، فاستشاط عبد الله غيظًا على أخيه وشقيقه فيصل، ولما سمع بقصيدة لفؤاد الخطيب وزير خارجية الحجاز يمدحه فيها على أثر اعتلاء فيصل لعرش العراق، من أبياتها قوله:
تنازل عن عرش العراق تكرمًا ... وأفضل من عرش العراق تنازله
قام وقعد وقال للمنشد من الذي أخبر فؤاد أني تنازلت، والله لم أتنازل ولن أتنازل، العراق لي ولن يتم لغيري أمره.
وكان ملكه في العراق بصفته يأخذ من الحكومة الإنكليزية راتبًا شهريًا، غير أنه يمتاز عن أخيه عبد الله في ملكه بميزات كثيرة، فإن قيل أن الأمة العراقية انتخبته ملكًا عليها قيل نعم، ولكن أباه قد ألح على الإنكليز بالطلب لذلك، فتوجته الإنكليز ملكًا، وإن كان في العراق الرجال الأكفاء والمقتدرون لهذا المنصب والعارفون، ولكن ما يكون التدبير والسيف ورائهم ليسوقهم إلى حيث لا يريدون.
أقام فيصل في العراق وعاش أمنًا مطمئنًا من الزعازع، مقنعًا بما لذ وطاب من