كان الشَّيخ عبد الرحمن على جانب عظيم من مكارم الأخلاق متواضعًا اجتماعيًا دمث الأخلاق متحببًا إلى الكبير والصغير ويتكلم مع كل فرد بما يناسبه ويبحث معه في المواضيع النافعة له دنيا وأخرى. وكان ذا شفقة على الفقراء والمساكين والغرباء يساعدهم بالمساعدات المالية على قدر استطاعته ويستعطف لهم المحسنين ممن يعرف عنهم الإحسان. هذا هو عبد الرحمن الناصر بن سعدي العالم المشهور في الأخلاق الحسنة والفضائل الجمة. زرته مرَّة في عنيزة وكنت إذ ذاك أسعى في طلب مطبوعات مقبل الذكير التي جادت بها أريحيته وجعلها وقفًا على المسلمين فاتخذت الشَّيخ عبد الرحمن وسيلة إلى عبد الرحمن المقبل الذكير فذهبت أنا وصاحبي عبد الرحمن بن عبد الله بن وائل إمام الظّرفية وكان رحمه الله من جملة الدارسين علي من كبراء السنن يكبرني بخمس وعشرين سنة ولخفة روحه ومحبته اتخذته صاحبًا. امتطينا حمارين وسرنا إلى عنيزة في إحدى ليالي العشر الأولى من شهر رجب عام ١٣٦١ هـ فبتنا في النفود الكائن بين قرية الخضر والوادي ومن آخر الليل ركبنا الحمر تحمل قربة ماء وشيئًا من أواني الطبخ، وفي الصباح قدمنا عنيزة فطفقنا نسأل عن بيت الشَّيخ ابن سعدي حتَّى وصلنا إلى بيت متواضح من الطين ولمَّا أن طرقنا الباب نزل إلينا مع الدرج شيخ قصير القامة أبيض اللون ممتلئ الجسم يعلوه الوقار لأنَّ القهوة أو المجلس في الطابق الثَّاني فسلمنا عليه وأبدى بشاشة وترحيبًا وجعل يقول: كتب الله خطاكم تفضلوا فبدرته بقولي: استعد لما أتيناك له فقال: لا يمكن أن نتكلم بحاجتنا حتى نشرب القهوة ونستأنس بكم. فعجبت لهذه الأخلاق وقد أقسم أن لا نتكلم حتى نفرغ من القهوة ثم نتكلم بالموضوع وكان يعمل القهوة بنفسه ويردد هذه الكلمات "وأفوض أمري إلى الله إنَّ الله بصير بالعباد" ثم يرجع إلى كلامه كتب الله خطاكم. وجعل في قهوة البن شيئًا من الحبة