وتركهم مشردين في الآفاق محاولين بذلك التأثير على الدول العربية وإرغامها على الاعزاف بها، غير أن الدولة العربية لم تعبا بكل ذلك، بل استمرت في تقدمها، مما حمل هيئة الأمم على أن تطلب بشدة من العرب إيقاف الحرب والدخول في مفاوضة مع دولة إسرائيل التي اعترفوا بها، واختيار مكانًا للمفاوضة من جديد في سبيل حل مشكلة فلسطين حلًا سلميًا:
أولًا: قرار هدنة دائمة بين الطرفين وإلا فإن الدول سوف تحرم تصدير السلاح إلى الدول العربية بتاتًا.
ولما أن فرضت هذه الهدنة الثانية لم يحترمها اليهود واغتالوا الوسيط الدولي الكونت برنادوت، وزحفوا صوب غزة فعزلوا قوة مصرية في الفلوجة، وجرى ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
[ذكر قتل الإمام يحيى]
لما كان في آخر ربيع الأول من هذه السنة فشى بين الناس موت الإمام يحيى موتًا طبيعيًا وذلك يوم السبت ٢٨ منه، وكان ذلك كذبًا، والذي حمل القائلين هو أن من عادته استعراض الجيش بعد الصلاة، ولما لم يجرِ في هذه المرة استعراض أشيع بموته، فلما فشى الخبر علم به يحيى وبحث عن شأن ذلك، فأخبر بصريح الأمر ما كانت الحكومة الجديدة تبيته لليمن، فخاف عبد الله بن الوزير الذي كان قد عزم على تتويجه بعد الإمام يحيى، وخاف أتباعه وذووه، فقدر أن الإمام استقل سيارته الخاصة وبرفقته رئيس وزرائه عبد الله العمري وثلاثة من حفدته لابنه الحسن وحفيد لابنه المحسن، ومعهم جندي ومرافق، وسائق السيارة، يقصد الإشراف على مزارعه التي تبعد عشرين ميلًا جنوبي صنعاء، فطلب الأخوة الثلاثة أبناء الأمير حسن من جدهم النزول إلى الأرض لانتظاره في موضع يدعي الوادي، يبعد على قدر من عشرة أميال منها، فنزلوا واستمر الإمام ذاهبًا إلى مزارعه ليعود اليهم بعد ساعة، ولكنها انقضت ثلاث