قد قدمنا في حوادث ١٢٨٦ هـ شيئًا من ذكرها أو مشكلتها في هذه الأزمة لتتطور، ولمَّا كان في يوم الخميس ٩/ ١ من هذه السنة عقد مؤتمر لندن وانتهى في يوم الخميس ٢٥/ ١/ ١٣٧٦ هـ وكان قد حضره مندوبو اثنتين وعشرين دولة. وقد عقد لبحث موضوع تأميم شركة قناة السويس وقد أرادت بريطانيا أن يقرر هذا المؤتمر بأن مصر في تأميمها شركة القناة ارتكبت جرمًا عظيمًا نحو العالم أجمع يجب أن تحل عليها بسببه أعظم العقوبات التي اتخذت بريطانيا كل الوسائل لتنفيذها وعملت ذلك فأمرت بإرسال قطع من أسطولها البري والجوي والبحري إلى البحر الأبيض المتوسط وأوعزت إلى رعاياها في مصر بأن يغادروها خوفًا عليهم وأمرت هي ومن سار خلفها من دول الاستعمار بحصار مصر اقتصاديًا وكأنَّها تريد بذلك كسر مصر وإرغامها بالقوة والقهر على التخلي عن حقها في قناتها خانعة ذليلة وكانت بريطانيا وفرنسا ومن جارى هاتين الدولتين يرون أن من شعوب الشرق من لا يستحق أن يعيش سوى عيشة العبودية والاستعمار. وقد ضربت بريطانيا بجمعية الأمم وعهودها ومواثيقها عرض الحائط وتجاهلت هذه الجمعية فعقدت هذا المؤتمر بدون الرجوع إليها ودعت إليه من أرادت من الدول وطرحت على المؤتمرين قرارات منتهية للموافقة عليها. ولمَّا قدمت للمؤتمرين بلسان المستر دلس قرارًا جائزًا هو أن قناة السويس وإن كانت حقًا لمصر لا يشاركها فيه أحد إلَّا أن للدول الأخرى الحق بأن تكون هيئة دولية تتولى شؤون القناة. لماذا هذا الرأي المخذول لأن هذه القناة ممر مائي له أهمية عظيمة. وبما أن مندوب الهند لم يوافق قيامًا بالعدل كما أن مندوب الاتحاد السوفياتي ديمتري شبيلوف قد وجه إلى المؤتمر ضربة قاضية حينما وصفه بأنَّه غير قانوني وأنَّه ليس من حقه معالجة هذه القضية ومصر صاحبة الشأن غير ممثلة فيه. وآخر شيء فشل هذا