لما استراح صاحب الجلالة من إخماد الثورات الداخلية والخارجية رأى -أيده الله- أن يجمع العائلة اللكية في قصر، فانشا المربع في شمال مدينة الرياض، وكان ذلك القصر عظيمًا وساحته واسعة جدًا، وجعل لكل نجل من أنجاله قصرًا مستقلًا، فأصبح المربع يعتبر كمدينة جميلة تحتوي على جوامع ومساكن، وكانت عمارته بالحجارة والطين غير أن تطريزه ممتاز، وقد أحضر لذلك المهندسون والعمال بحيث لا يقل عدد المشتغلين فيه عن تسعمائة عامل، وبعدما فرغ العمل سكنه صاحب الجلالة وأنجاله وحاشيته، وكان المربع إذ ذاك له أبهة ورونق زاهر، وختمت هذه السنة بخير والحمد لله رب العالمين.
[ثم دخلت سنة ١٣٥٦ هـ]
استهلت هذه السنة والعالم في مشاكل متعددة، فهذه فلسطين قد انفجرت بالثورات والدول الكبرى تتكهن وقوع حروب طاحنة لما رأت مطامع رئيس ألمانيا تتضخم.
وفيها أنشأت مدارس حكومية في عواصم المملكة العربية السعودية، وأنشئ في مدينة بريدة مدرسة تأسست فيها إذ ذاك.
وفيها كثرت فتن اليهود في فلسطين ومدوا أيديهم على المسجد الأقصى، بل وضعوا عليه الشعار اليهودي، فقام العرب من أهالي فلسطين يحاولون كشف هذه المهمة العظيمة ويصادمون تلك التدابير التي سلبتهم عزهم وفخرهم، وأذاقتهم مرارة الحياة، وأوصلتهم نيرانًا حامية، وبعثوا يصرخون للعالم الإسلامي ويضجون مما هم فيه من الضغط، واستغاثوا بكل من في الوجود ممن تظله راية الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - يطلبون النجدة والمحامات على بيضة الإسلام أن ترض؛ ونشروا في صحفهم مقالات يطالبون بها المسلمين أن يساعدوهم على هذا الفادح الكارث، وصوروا المسجد الأقصى قد وضع عليه الشعار اليهودي.