معاهدة ١٩٣٦ م وطالبوا بتعديلها، وقام أناس فأمسكوا عن الطعام والشراب أربعة عشر يومًا جزعًا وعزموا على أن لا يذوقوا طعامًا ولا شرابًا إلى أن تلغى تلك المعاهدة حتى بدا الضعف الشديد على أجسامهم رجالًا ونساء، قام رجال الثورة بثورتهم ضد الملك فاروق، كان من بين الثائرين جمال عبد الناصر. فاختاروا رجلًا يكون مثالًا في النزاهة بعد ما خلعوا الملك فاروق وأعلنوها جمهورية، فوقع اختيارهم على الرئيس محمد نجيب وكان من هؤلاء من يريدون توطيد الجمهورية ويريدون لها جمال عبد الناصر بعد ذلك وإنَّما أقاموا أولًا محمد نجيب لما يعرفه عنه الشعب المصري في النزاهة والدين ومحبة الشعب له. ولمَّا أن أرادوا إبداله جرى في الشعب ارتباك وقام الإخوان المسلمون لا يعدلون بنجيب سواه وذلك في ٢٦ ذي القعدة من السنة المتقدمة الموافق ٢٦ يوليو ١٩٥٤ م.
[جلاء الإنجليز عن مصر]
ما زال أهالي مصر منذ زمن طويل بحكوماتهم يطالبون بتعديل معاهدة ١٩٣٦ م المتقدمة وهذه المعاهدة تقتضي بقاء الإِنجليز في منطقة القناة واستمرار قيام الحكم الثنائي في السودان وتركزت المطالب في جلاء الإِنجليز عن وادي النيل وفي وحدة مصر والسودان. وتفاوض الطرفان فلم يتوصلا إلى حل واضطرت مصر إلى رفع النزاع لمجلس الأمن وكان ذلك بعد انضمام مصر إلى هيئة الأمم المتحدة. وقد حاولوا قبل ذلك إلغاء المعاهدة واضطرت وزارة مصطفى النحاس تحت ضغط الرأي العام إلى إلغاء هذه المعاهدة في أكتوبر ١٩٥١ م، وهاجم الفدائيون معسكرات الإِنجليز في منطقة القناة فنسفوا منشآتهم بالقنابل والمتفجرات وعطلوا مواصلاتهم وقطعوا عنهم التموين، وترك العمال المصريون العمل بالمعسكرات البريطانية فاشتدَّ الأمر على الإِنجليز وانتقموا من الفدائيين والعمال ورجال البوليس المصري انتقامًا شديدًا وخربوا المزارع المحيطة