للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

ويا ويل كل مؤرخ، بل لو شئت لقلت كل مؤلف في هذا الزمان من بعض المتعنتين الفارغين، الذين قلت بضاعتهم من العلم بحيث كانوا قطاع السبيل في طريق المؤلفين، لا سيما في التاريخ فنجد أحدهم يتحيل لتشويه سمعة المؤلف بمخرقته وغروره، مثال ذلك أن الحادثة قد تروى من طرق كثيرة، ومن الناقلين من تكون بضاعته زعموا، فيقوم الممخرق ضاربًا بنقل المؤرخ عرض الحائط، وإن كان صحيحًا، ثم يأتي بطريق أخرى كأنه نزل الوحي بصحتها لأي شيء، لا لظهور الحق حاشا والله، بل وكلا، بل لكثرة الخبط والنيل من حق المؤلف، فهل لا يقوم ذلك المعترض إن كان فيه مؤهل فيضع تاريخًا لأن الباب مفتوح أو يكف شره عن المؤلفين كما قيل:

اقلوا عليهم لا أبا لأبيكمو ... من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا

فإذا وقعت حادثة مثلًا في أعالي السوق ومنتهاه، واجتمع الناس لرؤيتها منهم المتقدم ومنهم المتأخر، فإن الأمة بعد صدورهم ترويها على جهات مختلفة، وكل رواية لا توافق الأخرى، هذا وهي في بلد، ووقوعها في الحال، فما بالك فيما لا يكون في بلدك ولا في زمانك فما شئت من تغيير واختلاف وطريق الحل هو أن تمسك بتلابيب من قتل القتيل وشهد حفر الحائط، ورأى بعيني رأسه وسمع بأذنيه، وأمسك بيديه، فنأخذ منه مشافهةً بعد ما نعرف ثقته وأمانته، فعند ذلك نهتدي إلى الصواب سبيلا، والله المستعان وعليه التكلان لا رب غيره ولا إله سواه.

فصل

وقد كانت الأمم الأخرى تشجع المؤلفين وتبذل لهم مقابل أعمالهم التي قاموا بها جوائز سنية لقيامهم بأعمال يشكرون عليها، وهذه طريقة طيبة أن ينال المؤلف أو المخترع للصناعة جزاء يشجع على عمله، ويشجع أمثاله حتى تحصل المسابقة إلى الأعمال الكاملة، فيا ليتنا إذا لم نحصل على هذه الخطة ألقينا