محمَّد ومعسكره أتاه نعي مبارك بن صباح فوقف مدهوشًا يقول إنا لله وإنا إليه راجعون مات الشيخ مبارك.
[وهذه ترجمته]
هو شيخ الكويت وأميرها مبارك بن صباح آل صباح وهو السابع من آل صباح الذين تولوا حكم الكويت؛ وآل صباح من ربيعة وكانت الكويت عبارة عن بيوت صغيرة حقيرة لبني خالد فقدمها جدهم الأعلى صباح وعمل على إصلاحها فنمت وعظم أمرها ولا تزال حتى الآن في ازدياد.
ولما كان في سنة ١٣١٣ هـ تولى المترجم إمارة الكويت بعد ما قتل أخويه محمدًا وجراحًا نسأل الله العافية طمعًا في الإمارة وحبًا للمجد فقام عليه خال أبناء المقتولين يوسف بن عبد الله وجازف في حياته وأرخص الأموال وبذلها في سبيل محق مبارك فلم يفلح ولحسن حظ مبارك هلك يوسف هذا ولم يشف غيظه.
كان الأمير مبارك رجلًا سياسيًا مخادعًا مكارًا ذا دهاء لقب بالحواقة من قولهم حاق أذلف ودار، ونصف عمله سرًا لا يدركه سواه ونصفه خدعة باهرة أو خدعة مضحكة أو خدعة كثيفة مدلهمة لاعب العشائر وغالبها، وما كان دائمًا من الفائزين وذلك لكثرة التقلب منه فكان يجزل العطاء للعشائر وتأخذ ماله وهداياه على غير مصلحة، وكان حاد المزاج شديد البأس فيه صفات من الأسد وأشياء من الحرباء، بدوي الطبع حضري الذوق تارة يحبه الخصم، وتارة يجامله وكان كريمًا جوادًا بل كان مسرفًا يسترسل إلى الترف والبذخ يطلب المجد مقدمًا في ذلك نواعم العيش ونوافله على كل شيء شيد قصورًا في الكويت وهدم قصورًا في السياسة خطب ود الدولة العثمانية ولا مهر عنده سوى الحب والإخلاص، نقسم بالله العلي العظيم أننا مخلصون للدولة ونفديها بدمنا، ففتحت له قلبها ثم انقلبت عليه، وغازل الدولة البريطانية فبادرت إليه ولهانة ويدها على قلبها الذي ما كان لينجذب مع مخادع ثم بنت ملكها في بلاده، وأحب آل سعود فطوقهم بذراعيه يقول أنتم أعز من أولادي ثم ضرب بهم عدوه ابن رشيد، وأحب العجمان ثم حاربهم فلما لم