لما كان في ليلة ١٦ ربيع الأول، نزل هو وحرمه وعبيده إلى البحر بذهبه وأمواله، ولم يجد من يمنعه أو يطالب بحقوق الأمة المسكينة التي أثقل كاهلها بالضرائب، ويجمع باسمها يرافقه للوداع أحمد السقاف رئيس ديوانه السابق وناظر الجمار كمحمد الطويل، فامتطى الباخرة التي تدعى بعدئذ "الرقمتين"، فقال معجبا به سنسافر فيه يوما من الأيام سفرة بعيدة نعم إنه سافر سفرة بعيدة إلى العقبة، وكان الذي زين له السفر قبل ذلك ابنه علي، وأنهم لا يقصدون من سفره إلا حل الموضوع إذا بارح البلاد، وأنهم اختاروا له السفر إلى العقبة لاعتبارها إحدى البلاد التابعة له، ليستطيع تزويدهم من هناك بآرائه ويمدهم بمساعداته حتى ينالوا النصر النهائي، فيرجع إذ ذاك إلى مكة مكرما معززا، وقد سعى رشدي باشا لدى الملك فؤاد ولدى رئيس الوزارة المصرية سعد باشا بأن يسمحا لعاهل الحجاز السابق أن يسكن مصر فأبيا خشية من حدوث ما لا تحمد عقباه.
ولما استقر بالعقبة جعل يرسل الإمداد والذخيرة والمال إلى ابنه علي، ولقد قام الحسين بتجنيد بعض العربان من شرقي الأردن وإرسالهم إلى جدة كما أرسل طبيبه الخاص الدكتور "ثابت نعمان" لإبتياع بعض المهمات للحكومة من مصرفا كلها عليه وظل في مصر، واشترى بواسطة معتمده بمصر عبد الملك الخطيب بعض السلاح، ولكنه حجز في جمرك السويس، كما عهدت الحكومة إلى السيد عبد الملك الخطيب بمصر في مقاولة بعض الشركات لإحضار كمية من السلاح لها من الخارج وأبرقت إلى كل من الملك فيصل في العراق والأمير عبد الله بشرق الأردن بطلب المساعدة بالمال والرجال والعتاد، وباتوا ينتظرون النتائج.
ولما انقطع كل أمل للحكومة الحجازية في التفاهم مع ابن سعود ولم تجد التوسلات شيئًا، وجاءت إلى جدة بعض النجدات للملك علي رأي أن يظهر لخصمه الجلد والثبات، ويلوح له بما لديه من قوات فربما كان في ذلك ما يحمله