لما قتل في الساعة الثالثة صباحًا بالغروبي أعلن الديوان الملكي بالرياض بعد صلاة الظهر من اليوم المذكور نبأ استشهاد الفيصل رحمه الله وهو يصرف شؤون الدولة ويواصل نهجه في البناء والتطوير وما أن أذيع النبأ حتى ذهل الناس جميعًا وأصابهم الوجوم والحزن وأغلقوا متاجرهم وتركوا بيوتهم متوجهين إلى قصر الحكم في الرياض بين مصدق ومكذب وغير مصدق وإلى دور الإمارات في داخل المملكة والسفارات في خارجها فوجدوا الأعلام منكسة وإذا الخبر حقيقة والفيصل الغالي ينتقل إلى الرفيق الأعلى، فعمّ الحزن وانهمرت الدموع لوعةً وحسرة على الفقيد الراحل طيب الله ثراه، كما حضرت الألوف المؤلفة من داخل المملكة وخارجها لتشييع جثمان الشهيد إلى قبره ولتعزية الأسرة المالكة وهم يتلون قوله تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولما نودي بالصلاة عليه بعد العصر من اليوم الرابع عشر وحمله ودفنه وسار نعشه فوق الرؤوس كنت لا تسمع إلا البكاء والابتهال والنداء بذكر الله جهرًا وحصلت ضجة عظيمة شديدة وزحام عظيم واشتد الخطب وعظم المصاب وشقت الجيوب من بعض الأنام وانطلقت بالرثاء الأقلام، وكنت ممن وفد للصلاة عليه وتشييع جثمانه فرأيت حالة يرثى لها وحاملي النعش من الأسرة السعودية من بين الأمة قد رفعوا أصواتهم بالبكاء وسباباتهم بذكر الله جهرًا فكان مشهدًا أليمًا ولبست بعض الجهات السواد لموته، وذلك لأنه سقط في ساحة الشرف في سبيل القضايا العربية التي وقف حياته لها ولفظ آخر أنفاسه في خدمتها قالت الرياض في أحد أعدادها (قلوب الناس لم يخف حزنها وعيون لم تجف دمعها) إن قلوبنا لن يخف حزنها وعيوننا لم تجف دمعها بفقيد بطل العروبة والإسلام فيصل بن عبد العزيز -رحمه الله- الذي ترك فينا ألمًا وحزنًا مصيبة برحيله عنا فقد كان يعيش في قلوبنا في أفكارنا في كل حياتنا إن الفيصل العظيم زرع حياتنا أمنًا ورخاءً وسرورًا ورفاهية