توالت الفتوحات الإسلامية ونصر أهل السنة وأذلّ أهل البدع على يدي صاحب الجلالة، نسأل الله تعالى أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويذل المجرمين، وما أولى بالمسلمين من إمام همام سميدع قدير يرفع أعلام التوحيد وينصر أهله ويذل البدع ويهين أهلها.
[ذكر ذبحة الحواشيش وما جرى من قساوة ابن رشيد]
لما خذل الله عبد العزيز بن متعب بن رشيد وقهره، وأنهزم مرّ في مسيره وهو يحوس خلال الديار على روضة مهنا المعروفة هناك، وكانت روضةً يكثر فيها الكلأ والعشب ويرصعها الربيع بأزهارها، ويأتيها فقراء أهل القصيم يحشون العشب ويبيعون حشيشهم في البلاد ويأكلون ثمنه، إما أن يحملوه على رؤسهم أو على حميرهم، فإذا باع الفقير اشترى لأولاده طعامًا وبلغةً، فلما مرَّ عليها ابن متعب وجد فيها أربعين رجلًا من العجزة ومعهم أطفال، فأحب أن ينتقم من أهل القصيم بقتل هؤلاء الأبرياء ويتشفى بقتلهم لما فيه من الحقد على أهل القصيم، فقرن هؤلاء الأربعين بعدما صفهم صفًا بحبال، وكانت رؤيتهم مفظعة، فأشار عليه ابن عجل قائلًا: يا عبد العزيز اتقتل هؤلاء البؤساء فوالله الذي لا رب غيره لأن قتلتهم لتحاربنك ملائكة السماء، فأجابه لو تركتهم لانضموا تحت راية يقاتلون مع قومهم، ثم قتلهم صبرًا أجمعين.
ولما وصل الدور إلى شيخ كبير قد حناه الهرم وقوّس ظهره وقد أمسك بيد طفل يناهز العاشرة من العمر، تكلم لابن رشيد قائلًا: أيها الأمير اقتلني واستبق هذا الطفل فورائنا عدة أيامى لا عائل لهن بعدنا فكان جوابه أن قتل الطفل بمرآى من أبيه، ثم ألحقه به والعياذ بالله شعرًا:
قضى الله أن البغي يصرع أهله ... وإن على الباغي تدور الدوائر
ومن يحتقر بئرًا ليوقع صاحبًا ... سيهوي قريبًا بالذي هو حافر
وهذا والله منظر تعج منه السماوات السبع والأرض ومن فيهن، هذا منظر