فهذه نبذة يسيرة حررتها أمام المقصود؛ ولقد أصبحت تلك الأماكن آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدًا من كل مكان ضد ما كانت عليه قبل ذلك.
ولنشرع في المقصود والله المستعان وعليه التكلان، وقد وجدت في بعض التواريخ بين يدي شيخنا عمر بن محمد بن سليم وضبطه لها أن ما بين آدم أبى البشر وولادة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ٦٢١٩ سنة، فيكون ما مضى مم خلق آدم إلى سنة ١٢٦٨ هـ، ٧٥٤٠ سبعة آلاف وخمسمائة وأربعين سنة والله أعلم.
واعلم أني كمؤرخ للحوادث والوقعات ووفيات الأعيان، وليس هذا بمقام انتصار لأحد. فأقول ومن الله أستمد الصواب:
[ثم دخلت سنة ١٢٦٨ هـ]
استهلت هذه السنة والإمام في نجد على الإطلاق، هو فيصل بن تركي بن عبد الله آل سعود وقد ساعدته الظروف والأحوال، وأعد نجله الأمير عبد الله في ذلك الوقت قائدًا للجيش، وكان عبد الله إذ ذاك منصور اللواء يغير بالجنود الإسلامية ويقيم ما اعوج من القبائل والبلدان.
وفيها قدم المدينة عساكر كثيرة من قبل والي مصر عباس باشا بن أحمد طوسون ابن محمد علي، وشاعت الأخبار بأنهم يريدون الخروج إلى نجد.
فلما أن كان في جمادى الآخرة خرج محمد بن ناصر من المدينة متجردًا للقتال من قبل الأتراك، وانضم إليه كثير من بادية حرب، فأغاروا على ابن سقيان من بني عبد الله على الفوارة وأخذهم، ثم رجع إلى المدينة ومعه عساكر كثيرة، وتبعه كثير من عربان حرب، فأغاروا على الغضيان عرب الضيط من عتيبة على الدفينة، فأخذهم ورجع إلى المدينة أيضًا، وكان ذلك في رجب من هذه السنة.
ولما أن وصل الخبر إلى الإمام فيصل أمر بالجهاد وكتب إلى جميع الرعية، ثم صاح بالنفير وخرج بجموع أهل العارض والخرج، ونزل الجمعة فاجتمع إليه هناك غزو بلدان عسير والممحل والوشم والقصيم، وولى على قضاء بلدان سدير فضيلة الشيخ عثمان بن علي بن عيسى، وكان قبيلة سبيع.