يلزم من القوة. هذا جواب عظمة السلطان على مطالب سمو الأمير عبد الله وجلالة والده، وقد وعظوا بتربة لو كانوا يعقلون، بل كانت تلك التعاليم التي دبرها صاحب الجلالة عبد العزيز هي نتيجة مؤتمر الكويت وقد قيل في كلام الحكم أعط أخاك تمرة، فإن أبى فجمرة.
[ذكر الخلافة وما استقبل به الحسين في عمان من الاحتفال]
لما كان في جمادى الثانية وصل القطار الملكي إلى العاصمة عمان، وكان قد جاء ليقرب من الأقطار ليجس نبضها في هذه المسألة الكبرى مسألة الخلافة، فلما جاء شاهد جلالته في المحطة مشهدًا فريدًا مجيدًا خفقت له قلوب السيادة، ورفرفت فوقه آمال الملك كلها في انتظاره، وكانت الوفود والجموع هناك، وفد سوريا وفلسطين ومشايخ العربان، من نواحي الشرق العربي، ورجال الحكومة من عرب وانكليز والصحافيون من مصر والقدس وبيروت والشام والجموع والجنود والأعداد من بدو وحضر في الثياب العربية، والأفرنجية والجركسية؛ فلما أطل جلالته من القطار رفع الناس أصواتهم هاتفين ليحي ملك العرب ليحي الفذ الأعظم وقد كان الاستقبال حارًا باهرًا اصطفت جنود الجيش العربي على الطريق من المحطة إلى المدينة وجال العربان من فرسان وهجانه وهم يهزجون الأهازيج البدوية، ورفع تلاميذ المدارس أصواتهم بالهتاف والأناشيد وشاركت في الترحيب الطيارات الإنكليزية التي تغمغم في الفضاء؛ ثم صعد الخطباء والسفراء منصة البيان، وطفقوا يخطبون وينشدون مهللين مكبرين ومهددين الإنكليز والفرنسيين بل الأوربيين أجمعين ليحي ملك العرب المنقذ الأعظم لتحيي النهضة العربية، وليسقط كل من يسعى ضدها وضده، ليسقط الإستعماريون والمستعبدون، وكان جلالته يسمع الخطباء والشعراء من شرفة البيت الذي أعد له البيت القابل للأثر التاريخي الجليل الملعب الروماني المتهدم، وللزمان في ذلك هزة، بلاغة تعجز دونها الشعراء والخطباء، لقد كان يومًا عظيمًا ومحفلًا رائعًا، ثم قابل جلالته الوفود فقال تكرارًا: أنه لا يتنازل عن مبدء واحد من المباديء التي هي أركان النهضة لا أتنازل عن حق واحد من حقوق البلاد، لا أقبل إلا أن فلسطين لأهلها العرب أقول لأهلها العرب