ألفان على الجيش الهاشمي، واشتبكوا وإياهم في ٢٦ من شهر صفر، في معركة استمرت من نصف الليل إلى الساعة العاشرة صباحًا.
وكان القائد علي يدير جيشه وهو في قصر يبعد عن ساحة القتال بألف وخمسمائة متر في هذا الهاتف يصله بوسطة مركز الارتباط في سفح جبل كرا بقصر جلالة والده الحسين، فكانت الأنباء تأتي وتذهب مراجعة وتكليما بالتليفون إلى الديوان الهاشمى مثل هجم المتدينة علينا فرددناهم خاسرين ومثل أعاد المتدينة الكرة فأمطرتهم مدافعنا وابلًا من الرصاص فعادوا مدحورين.
فلما كان في الثالثة من الهجمات هجم سلطان الدين بإناس من الإخوان فضربوا الجبهة ضربة ثلتها، وكان في وسطها سرية من الفرسان من عرب عتيبة فتقهقر فدخل الإخوان من تلك الثلة، وأول من انهزم من بدو الحجاز هذيل وسفيان، ثم أهل مكة ثم جنود النظام، وفي هذه الساعة عند صلاة الفجر سكتت بنادق الإخوان ففرح موظف الهاتف وهتف يخاطب ضابط الارتباط في الكر بسفح جبل كرا وهذا يخاطب الديوان الهاشمي بمكة انهزم المتدينة سكتت بنادقهم وما علموا أنهم يصلون الفجر.
[ذكر واقعة الهدى]
لما فرغ الإخوان من صلاة الفجر، عادوا مستبسلين فتقهقر الأمير علي بشرذمة من الجيش إلى الكرى، وعند وصوله إلى سفح الجبل في الساعة الثامنة صباحًا من بعد نصف الليل، أمره والده الحسين بالهاتف أن يرجع إلى الهدي وأكد عليه الطاعة ولو ذبحت، قال هذا وعاد ورجاله كارين، فما كادوا يصلون إلى منتصف الطريق حتى انهال عليهم رصاص الإخوان كالمطر، وكان ضابط الارتباط في الكرى، وقد لحقهم بنجاب يقول فانقطع التليفون بيننا وبين الهدي فقفل الأمير ورجاله راجعين، وتوقفت الإخوان بعد هذا النصر في الهدي فلم يتعقبوا فلول الجيش الهاشمي ولا هاجموا مكة يومئذ اجتنابا للقتال في الحرم.