كان الرجل المدعو مبارك بن صلاح من وادي كلاخ بالطائف من البادية قد بلغ من العمر ١٥٩ سنة يعلوه النشاط وطلاقة الوجه رغم ما مرّ عليه من السنين ويكنى أبو سعود وأجريت معه مقابلة، ولما قيل له الله يعطيك طول العمر أجاب إن شاء الله، ولكن أتمنى الموت لأنني أعيش في غربة أصدقائي وأحبابي رفاق طفولتي كلهم ماتوا والمقابلة معه طويلة ذكر فيها ما مرّ من السنين وما يعرفه عن الملك عبد العزيز وغير ذلك مما يرويه في حياته وهذا العمر الطويل يعتبر من غرائب الزمان.
وفي هذه السنة أحصيت المساجد التي في المملكة السعودية فبلغ مجموعها تسعة عشر ألف مسجد كبارها وجوامعها وخاصها وعامها، وبهذا نعرف سير المملكة قدمًا فإنه كان منذ قرابة نصف قرن لا يوجد في مدينة بريدة التي تعتبر اليوم ثالثة مدينة في المملكة إن لم نقل ثانية مدينة سوى ثلاثة عشر مسجدًا منها ستة هي القدامى مسجد الجامع الكبير الذي تقام فيه صلاة الجمعة، ومسجد عبد العزيز بن عبد الله أبا بطين المعروف بمسجد محمَّد بن عبد العزيز بن غنيم، ومسجد أبي علطا ويدعى مسجد صويلح ومسجد عبد الرحمن بن شريدة ومسجد العجيبة ومسجد عودة الرديني حتى غاية السنة العاشرة من القرن الرابع عشر ثم أنه أنشأ بعد ذلك مسجد بن مقبل شمالي الجامع اشتهر بذلك ومؤسسة حمد بن خضير فمسجد ناصر بن سليمان بن سيف فمسجد المجردة المعروف باسم حسين بن عرفج فمسجد ماضي فمسجد الحويزة الذي كان إمامه السابق صالح المحمد المنصور فمسجد عيسى بن عبد الكريم فمسجد راشد بن إبراهيم الحميد، واشتهر بمسجد ابن فداء هذه ثلاثة عشر مسجدًا إلى غاية عام (١٣٤٩ هـ) ثم إنه باتساع البلد تأسست مساجد أخرى حتى بلغ مجموعها إلى آخر هذه السنة خمسمائة مسجد من بينها خمسين جامعًا تقام فيها صلاة الجمعة، وبهذا يتبين تقدم سير هذه المملكة الغنية إلى الإمام والتقدم.