لأقتلنه، وهو على وسادته في بيته، وكان رحمه الله له يد شديدة يضرب بها المثل في طول الجزيرة وعرضها، فلا يذكر اسمه أمام البدوي إلا ويضطرب قلبه خوفًا ووجلًا، وهذا لعمر الله الأمر الذي يستقيم به الملك وترتاع الظلمة، وتهدأ الأحوال، وتستريح به البررة، وتصفد منه الفجرة، فمن يدخن يؤدب، ومن لا يصلي يبسط على الأرض ويضرب بالرطب من عسيب النخل، ومن يختلس أو ينهب فإنه يقطع، وأوامره تنفذ بسرعة ودون محاباة ولا تردد، وقد كان استتباب الأمن في الجزيرة أول مظهر هذا العدل الشديد القوي، فقد يسير المسافر وحده ومعه الأموال على الجمال لا يعرض له في طريقه أحد، ولا يسأله عن شأنه بدوي، بل كان المسافر يمشي وحده بأحمال الذهب والفضة ولا يخشى إلا الله، وقد كان منذ أعوام خلت لا يستطيع أحد أن يسير إلا في عصبة من الرجال ومعهم الحديد والسلاح، ثم لا يوفقون إلى السلامة، وما لم يكن هنا سطوة تخشى على البعد، وتجتنب لأجلها أسباب الريبة، والوتوع في المظالم، فلا بد من وقوع النهب والسلب والقتل، فحيا الله رجال العمل والأخلاص والعدل، الذين يدأبون في سبيل راحة الشعب وأمنه الذين يسعون في بناء مجد أمتهم ويسهرون لمصالحها وإشادة عزها، وما تقدم شعب إلا برجال من أبنائه يؤمنون الخائف، ويردعون الظالم، ويعدلون في القضية، ويحكمون بالسوية، ويتفقدون أحوال الرعية، فلا تحفظ الدماء والأموال والأعراض، وتصلح البلاد ويسود فيها الأمن والطمأنينة إلا بإقامة الحدود وقطع الأكف الأثيمة، وسد أنواه الذين لا يعرفون ما يدخلون فيها ولا ما يخرجون منها، فبذلك يكف عن العدوان وقتل النفوس البريئة وإثكال الأهالي وترميل النساء وإيتام الأطفال، وينقطع دابر الفساد وانتشار الفوضى، وإحداث القلاقل والاضطرابات.
[ذكر شيء من صرامته وبطشه بالمجرمين]
لما كانت أمراء بني أمية فيها الشجعان وأهل الصرامة والقوة والمقدرة "كزياد بن