فذهب إلى جلالته مستفسرًا فقال: ليس القلم بأكرم مني فاصرفوا له ما قسمه الله له فأعطى الرجل الألف جنيه فأخذها وانصرف داعيًا.
[أخلاقه وبراعته]
أمَّا أخلاقه فإنِّي أقول يندر أن يوجد مثله في الملوك والعظماء فكان تغلب عليه الوداعة والمرونة مع شدة وقسوة عند الحاجة فهو يعرف كيف يضع السيف كما يعرف كيف يضع الندى وهو متسامح مع خصومة وأعدائه واسع الصدر وكريم اليد فإذا جاؤوه تائبين أو نادمين عفا عنهم ورحب بهم وأجزل لهم العطايا وأنزلهم أحسن المنازل، ويكون انتقامه شديدًا ممن ينتقض عليه أو يحاربه بعد أن دخل في طاعته، وله بوادر عند الغضب تذوب لها مهج الرجال وتلاشى عندها سورة الأبطال، ولكنه سريعًا ما يفي إذا زال الغضب ويتوسط العلماء والأقرباء بطلب العفو عن الجاني فيقبل الشفاعة ويعفو ولا يخيب رجاءهم. ومن عجائب ما وجدته في بعض التواريخ عنه أنَّه بينما هو ذاهب إلى مكة حاجًا على عادته كل سنة انفجرت عجلة في سيارته (الباكار) فجلس جلالته على الرمل ريثما تصلح فمرَّ به راع على جمل وسأل عن الملك هل مَّر فسأله ابن سعود وقد رأى أنَّ البدوي لم يعرفه عن الباعث له على استفساره فقال الرجل: إني سمعت أنَّه في طريقه إلى مكة فقلت عسى أن يجود عليَّ بشيء من المال فأحج أنا أيضًا ففتح الملك كيسًا فيه نقود ذهبية يحتفظ به لمثل هذا الطارئ ونفحه بحفنة فحدق الرجل فيها ثم نظر إلى الملك وقال: شكرًا لك يا عبد العزيز لم أعرف وجهك ولكن جودك عرفني بك. تالله أنَّها لغريبة في تاريخ الملوك ولله در القائل حيث يقول:
هو العون بعد الله في رفع نازل ... وكشف كروب أو قضاء حوائج
تكاد ترى فيه المروءة والندى ... له حسنان دونها رمل عالج