استهلت هذه السنة والشيخ محمد بن عبد الله بن سليم مقيم في منفاه قرية النبهانية وفي معيته نجله عمر بن محمد بن سليم، وكذلك الشيخ عبد الله بن محمد بن سليم مقيم في بلد البكيرية.
ويلاحظ على الشيخ محمد بأن لا يكون له مجالس للتدريس، لئلا يتحزب له أحزاب لزعمهم الفاسد بأنه يضل الناس وكذبوا وأعظموا الفرية ويأبى الله له ذلك بل كان هاديًا ومهديًا.
وسبب نفيه وإهانته وشاية الأعداء به إلى ابن رشيد وإنه يمالي عنى آل رشيد.
وكان من جملة ما وبخه به أن قال: أما كان في عنقكم بيعة لي يا ابن سليم، وتخرج لاستقبال ابن صباح ومبايعته، فأنكر الشيخ ذلك فتوعده ونفاه إلى النبهانية.
ولما قدم إليها استقبله أهلها وهيأوا له بيتًا مجاورًا للمسجد الجامع، وجعلوا فيه ضيافة على قدر وسعهم، وجاءت عجوز تقول: إني أريد أن أساهم في كرامة الشيخ ولا أقدر على غير تنظيف طريقة وقمه، فكانت دائمًا تتعامد طريقه.
ولما أصبح في هذه القرية كان لا يتمكن من التعليم والتدريس وإذا أراد أن يدرس عليه ابنه فإنهما يخرجان إلى الصحراء خشيةً من الأعداء الذين يوعزون إلى ابن رشيد بأنه على تدريسه وتعليمه، لأنه بذلك يريد أن لا ينشر علمه، فتفرد به ابنه الشيخ عمر بن محمد وانتفع بعلومه وجدّ واجتهد حتى نال قصبة.
وسمعت عن شيخنا عمر رفع الله درجاته يقول: بينما نحن مرة في حال إقامتنا في النبهانية ونحن في شدة حذر من عيون ابن رشيد التي ترقبنا، استأذن في الغداة رجل قائلًا السلام عليكم، فأنكرنا أن يكون حوالينا من يحسن الاستئذان الشرعي، فلما فتحنا الباب إذا به الأخ في الله عبد العزيز بن عبد الله بن فداء فاستغربنا مجيئه إذ ذاك وأدخلناه في بيتنا وإذا هو جاء لطلب العلم على والدي في ذلك المنفى، ففرحنا به وخفنا من شر الأعداء، وكان والد عبد العزيز قد أذن له بالسفر نحو الشيخ أن