المكائن والديتموات والمواطير وطرق الأسفلت فقد أثرت على برد الطائف، أما عن الشفاء فبرده في فصل الصيف واشتداد الحر من العجائب، فلقد خرج بنا أحد الأحبة للنزهة من مكة إلى الشفاء في نوء تموز حيث تقول العامة عنه إذا طلع تموز سخن الماء في كل كوز، فلما تجاوزنا مدينة الطائف حيث مر بنا على مسكنهم وأخذ ما يصلحنا استصحب نصف كيس من الفحم وحمله في السيارة فعجبت من وقود في ذلك الحر فقد كانت حمله فيما يبدو كالعبث، ولما أن وصلنا إلى ذلك الموضع وغابت الشمس أصابنا برد شديد لولا ذلك الفحم الذي جعلنا نصطلي على ناره لما تمكنا من الجلوس والراحة والطمأنينة لشدة البرد الذي كانت ترعد من الرفقة فرائصهم.
وأذكر أنه دعانا فضيلة الشيخ سليمان بن عبيد بن سلمي حال كونه رئيس المحاكم الشرعية في مكة المكرمة إلى مأدبة الغداء في بيته الكائن بالشفاء في الطائف، وكنا إذ ذاك في أوائل شهر آب الذي تقول عنه العامة إذا طلع آب اطرق المسمار بالباب، خرجنا في صحبته لما فرغ الدوام، فلما أن وصلنا إلى بيته الكائن بالشفا أجلسنا في العريش المكشوف على العمد، فلم نتمكن من شدة البرد ولم نطمئن إلى ذلك المجلس الذي كانت فرائص الحاضرين ترعد من شدة برده، حتى إذا دخلنا إلى المجلس وأغلقنا الباب لذلك وكانت تلك الدعوة على أثر ليلة ذلك اليوم التي دعانا فيها لمأدبة العشاء فضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد المشرف إذ ذاك على الأعمال الدينية في الحرمين، فلم نتأثر لبرد ذلك الموضع الذي يبعد عن الطائف شرقًا بسبعين كيلو مترًا.
[زيارة الملك لمصر والاحتفال هناك]
لما كان في ١١ رجب من هذه السنة قام الملك فيصل بن عبد العزيز بزيارة رسمية لمصر حسب رغبة الرئيس محمد أنور السادات فأصدر إلى ولي العهد هذا القرار: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الرقم ٩/ ١١٩ التاريخ ١٠/ ١١ / ١٣٩٤ هـ