فأكرمهم غاية الإكرام وجعلهم في الوظائف الضخمة قائلًا لهم: عفوت عنكم عن الماضي، فعاهدوا على الإخلاص، وقاموا في الدعاء والمديح والثناء على جلالته، وجعلوا يخطبون أمامه ويعتذرون بكل ما يستطيعونه، وصدقوا معه وأخلصوا وسعدوا.
وفيها تم تركيب الماكنة المتقدمة ذكرها، وذلك في آخر شعبان، فأضيء بها المسجد الحرام في ابتداء شهر رمضان، وأصبح مدار المطاف من قوة نورها كان الشمس لم تغب عنه، ووضعت الثريات الكهربائية أمام أبواب المسجد الحرام، وأمام المقامات، ووضع في مقابلة الحجر الأسود كشافة كهربائية بقوة ألف وخمسماية شمعة، وقد ضبط النور الذي في عموم الأروقة والأبواب والمقامات والثريات وإدارة المطاف فبلغ تقدير إضاءته خمسًا وثلاثين ألف شمعة، أما اللمبات فإنها تبلغ ألفًا وثلاثمائة لمبة على اختلاف حجمها وتفاوت قوتها، وزادت الإضاءة في المسجد الحرام قريبًا من عشرين ضعفًا عما هي عليه زمن الدولة العثمانية، بل عما هي عليه من مدة عشرين سنة من حين ركب الكهرباء واللوكس.
[ذكر عمارة المسجد الحرام ١٣٥٤ هـ]
فيها صدر أمر صاحب الجلالة السعودية الملك عبد العزيز بإحضار عمال يصلحون جميع ما يلزم للمسجد الحرام من عمارة وإصلاح وتجديد كل ما يلزم تجديده من أبواب وطبطاب وغير ذلك، وعهد بهذا الأمر إلى نجله فيصل، وكان ذلك في ١٢ شعبان، فأصلحت الأرض وفرش ما حوالي المطاف بالحجر الصوان والمماشي، ورصفت رصفًا جيدًا متقنًا، وأصلحت الحصاوي وأرضية الأروقة، ورصفت وأزيل كلما كان قد خرب فيما قبل ذلك، ثم نقض جميع ما أسبخ من جص جدر المسجد الحرام، فأصلح وجصصت بالأسمنت والنورة لكي تمنع تسرب الرطوبة إلى الجدر المذكورة، وأصلح العقد الموالي لباب الصفا إصلاحًا تامًا، ورخم عموم المسجد الحرام من داخله وخارج الأبواب، وبيت زمزم، ورممت الشقوق