بالقوات التي لا تغلب إذا جارت الدولة العثمانية بقهرها علينا، فهنا دولة أعظم منها وهي إنكلترا، فلما سار المركب البحري الحربي لنصرة ابن صباح، لم يطلق مدفعًا إلا أن مدير أعمال الحرب في هذا المركب إذن ببعض المدافع الرشاشة، فأنزلت في الزوارق إلى البر ومعها ضباط، ثم أطلقت الأسهم النارية على ابن رشيد وجنوده في الليل على الفضا فكان لها التأثير المطلوب، فعند ذلك فرّ ابن رشيد وجنوده عندما رأوا النيران انطلقت من الأطواب قد اشتعلت في السماء، وبعد هذا الحادث علم الشمري أنه بدون مساعدة الدولة مباشرةً لا يستطيع الاستيلاء على الكويت، فعاد بجيشه إلى الحفر وشرع يفاوض الترك في بغداد، فلما علم مبارك بذلك اغتنم أن يشغله بنجد وراء الدهنا، وكان عبد العزيز بن عبد الرحمن يلح على والده ليستأذن مباركًا بإعادة الكرة على الرياض، وذلك بالمبالغة منه، ولقد كان السعد في وجود آل سعود خادمًا لمبارك بن صباح، فعند ذلك أجاب مبارك قائلًا حبًا وكرامة.
[ذكر فتح الرياض في هذه السنة على يدي صاحب الجلالة عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود]
ففيها نهض الشاب عبد العزيز وعمره إحدى وعشرون سنة، وقد كانت حالة لا تساعده على المخاطرة بغزو يكون من الجماعة وهم أربعون رجلًا من عائلة آل سعود ومواليهم المخلصين لهم السابقين، وأعطى مبارك بن صباح عبد العزيز بن عبد الرحمن أربعين ذلولًا وثلاثين بندقًا ومئتي ريال وبعض الزاد فكانت الحملة مؤلفة من أربعين رجلًا وأربعين بعيرًا ولا ريب أنها حملة ضعيفة وعبرة للمعتبرين، وقد قال الله تعالى:{كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: ٢٤٩]، نهض هذا الشاب يقود هذه الحملة معتمدًا على إيمانه الصادق بالفوز المطلوب، غير يائس معتمدًا على الله، فلله من هذه الجراءة العظيمة التي لم ينلها سواه، وقد كان يجمل بمبارك بن صباح أن يقوي هذا الجيش ويشد