مع الله كان الله معه ومن وجد الله فما فقد شيئًا. واصطحب الطاعة واتخذ القرآن نديمًا حتى لقد عظمت فيه هذه الخصال في أيام ملكه حتى جعل نفسه تحب القرآن وتلاوته واعتاد أن يتلو القرآن في الصباح والمساء مما يملأ قلبه إيمانًا وأكب على الأوراد وكان يلهج بترتيل كتاب الله والأوراد أضف إلى ذلك أنَّه يستمع كل يوم مرتين أو أكثر إلى قارئ يقرأ قسمًا من تفسير ابن كثير وبعضًا من كتب الحديث وكتب الوعظ وآداب القرآن يفقه بها نفسه ويتعظ بها كل من حوله من زائر أو حارس أو خدم. ولقد تقيد بتعاليم الإِسلام فأقام الحدود وألزم النَّاس القيام بما أمر الله به. وإذا تتبعت سيرته وجدت القائد له فيما يورد ويصدر وينوي ويعيد هو الإِسلام ومبادئ القرآن مبادئ ثلاثة حب الله وخوف الله ورجاء الله وثقة به يعرف ذلك منه كل من رافقه أو عاش معه أو سمع خطبه في المجالس والمجتمعات، ولو أردنا أن نستقصي أمر هذا البطل لضاق بنا نطاق هذا المقال ولكننا نجتزئ ليدرك القارئ السرّ في هذا النجاح الذي أحرزه عبد العزيز بين أفذاذ أبطال العالم.
[تجرده ونهضته]
لمَّا انتقل به والده وهو صبي إلى الكويت من جملة عائلته كانت نفسه توحي إليه بمعالي الأمور فكان يلبس العقال بغيبة من والده ثم يأخذ محجانًا بيده ويجلس بين صحبه وخدمه فيأخذ يضرب الأرض بشدة حتى يطير التراب من شدة الضرب كأنَّه ينتقم ثم يقول: أترون صاحب هذا المحجان سيملك نجدًا. ولما أن أراد أن ينهض لم يكن لديه مال قد ادخره من أبويه ليسترجع به ملك آبائه وأجداده ولا قوة من رجال ولا عدة من عدد الحرب وكل ما ورثه من آبائه وما استعده إلاَّ شيئًا واحدًا لا ثاني له هو إيمانه وثقته بربه واعتماده عليه. فلقى أباه على انفراد في مكان خال خارج المدينة واستوقفه. فقال والده: ما تريد؟ فقال أريد الحديث معك، وألقى عباءته