وأسن وأرهقته الشيخوخة فاستراح في نفس مدينة بريدة ملازمًا للصلاة مع الجماعة خلف الإمام ويتردد إلى حلق الذكر حتى أتاه اليقين وانتقل إلى رحمة أرحم الراحمين وكانت وفاته في اليوم الثاني من شهر رجب عن عمر يناهز التسعين فالله المستعان، أما عن قصة أولياء الله التي أشرنا إليها ها هنا فقد تممت في حوادث (١٣١٩ هـ) فلتراجع مبسوطة هناك.
[وفاة عالم ديني]
ففي هذه السنة وفاة الشيخ سليمان الناصر السعدي وهذه ترجمته: هو العالم العامل ذو المناقب والفضائل الزاهد الورع المتعفف شيخ قرية المريدسية ومفتيها وإمام الجامع الخطيب المتمسك بدين الله والصابر على الكروب والشدائد أبو محمد سليمان بن ناصر بن علي السعدي قبيلته عنزة فهو من أحد أفخاذها كان رحمه الله إمامًا واعظًا وخطيبًا وموضع الثقة من القضاة والأمراء وصاحب إصلاح وإخلاص ونية قام بأهل قريته وما حواليها فأدخل في قلوبهم نور التوحيد ومعرفته والثبات عليه ومنعهم من الانخراط في الرذائل وكان لدعوته أثر في النفوس وكان محبوبًا عند الخلائق ومرموقًا في أعينهم خلا منافقًا أو زندميقًا أو عدوًا للشريعة وإذا أخذ في الخطبة فإنه يبكي ويبكي من حوله وقد قدمنا إشارة عن صلاحه ودينه وتوفيقه وكان يدرس ويعظ ويرشد وانتفع به في العقيدة والصلاح خلائقا كثيرون وقد ناهز السادسة والثمانين من عمره وهو في وعظه وإرشاده وأسباب مرضه أن أصهاره دعوه لزيارتهم فامتطى حمارًا وسار في صحبته أحد أحفاده غير أنه أسرع به حماره فتعثر الحمار وسقط على الأرض فتأثر يعد رجوعه بيوم بأن أصيب بعطش شديد وغثيان ثم أنه حج بعد ذلك غير أنه لما يزال يشكو لزوجة ريقه ويبوسة في فمه وكان قد أحب أن لما يتداوى ثقة بالله وتفويضًا لأموره إليه لعلمه أنه وإن تداوى فما قدر فسيكون كما صنع ذلك الصديق أبو بكر - رضي الله عنه - شعرًا:
قل للذي صنع الدواء بكفه ... أترد مقدورًا عليك قد جرا