عن عواتقنا رداء الحسد؛ ونهضنا بأمتنا كل بحسب مقامه، حتى تسير السفينة لنصل إلى ساحل الكمال والمعرفة، وسلمنا من التلطخ بتلك الأقذار والتضمخ بها، وخطابي هذا موجه إلى المتعنتين فقط، أما فطاحل العلماء وأهل الفضل والمعرفة فإنهم بالمكان الأرفع، وقد حماهم الله من ذلك وهم في كرامة.
ولعل قائلًا يقول لو أن المؤلف جعل ذكر آل سعود متصلًا وآل رشيد على حده ونحو ذلك من الآراء، ويقول لو كانت تراجم الوفيات على حدة ونحو ذلك، فاعلم أن الآراء لا تزال مختلفة وكل له نظر واختيار، وقد تعشقت طريقتي التي سلكتها، وللناس فيما يعشقون مذاهب، وبكل حال فإن من أراد أن يسوق الحوادث على ترتيبها كل سنة بحوادثها، فإنه يضطر إلى سلوك الطريقة التي سلكنا، وهي طريقة الحافظ بن كثير، وابن بشر وأمثالها.
فصل
فدونك كتابًا يصلح للدنيا والدين، ويلائم سائر طبقات الناس، قد اشتمل على نكت أدبية، ونبذ تاريخية وتراجم لأئمة أعلام وملوك أكاسرة عظام، أبادهم مولاهم الذي أوجدهم، وسيجددهم بعدما أخلفهم ويجمعهم بعدما فرقهم، وقد احتوى على قطع شعرية تشهد لأهل نجد بل للعرب بالفتوحات الإسلامية، وقمع البدع المظلمة الوبية، ولعمر الله لقد بذلت مجهودي في تأليفه، وجمعه، وترتيبه، وتصنيفه، وحرصت على أن لا أنقل فيه إلّا ما كان صحيحًا، والتزمت بالإنصاف فيما أذكره فلا أغلو ولا أجفو.
وسميته تذكرة أولي النهى والعرفان، بأيام الله الواحد الديان.
فجاء منة من الله لا يملّه جليسه، ولا يشبع منه الأنيس، ممتعًا لقارئه، مشوقًا للناظر فيه، فلقارئه غُنْمُهُ، وعلى مؤلفه غرمه له صفوة، وعليه كدرة، له عذبه، ولمؤلفه مره، وها هو قد نصّب نفسه هدفًا لسهام الراشقين، وغرضًا لأسنة الطاعنين.
وأنا سائل بالله من اطلع عليه، أن لا ينظر إليه بعين السخط، فإنها تبدي المساوئ،