للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[غريبة عجيبة]

حدثني ثقة عن عبد الله القصير أنه قال: أتى سالم بن سبهان وهو في مقامه إذ ذاك في البرية برجل من قوم ابن صباح، فلما وقف بين يديه قال: غدوه كناية عن قتله، فقال أيها الأمير أمهلوني لأصلي ركعتين قبل الموت، فقال له صل ما بدا لك فوالله لا ينجيك الله وصلاتك من القتل، فقام ليؤدي الركعتين والحرس قد أحاطوا به حتى يفرغ، فلما كان في التشهد طار من بين أيديهم فلا يدري أين ذهب، قال: فأشهد بالله لرأيته بعيني ورجلاه تخط بالأرض قدرًا من خمسين باعًا وهم ينظرون، ثم إنه ارتفع فلا يدرى إلى أين ذهب والله على كل شيء قدير، والقدرة صالحة.

ولا ريب أن من أصول أهل السنة التصديق بكرامات الأولياء (١) وما يجري الله على أيديهم من خوارق العادات في العلوم والمكاشفات وأنواع المقدرة، والتأثيرات كالمأثور عن سالف الأمم.

كما كان أبو مسلم الخولاني مشهورًا بإجابة الدعوة، فكان يمر به الضب فيقول له الصبيان ادع الله أن يحبس علينا هذا الضب، فيدعو الله فيحبسه حتى يأخذوه بأيديهم.

وكان العلاء بن الحضرمي في سرية فعطشوا، فصلى ثم قال: يا عليم يا حكيم يا عظيم إنا عبيدك، وفي سبيلك نقاتل عدوك فاسقنا غيثًا نشرب منه ونتوضأ، ولا


(١) وأمثال هذا الظلم كثير، فقد أتى إلى سالم بن سبهان بشاب وكهل، فقال له سالم: قم إلى جانب حفرتك لئلا تؤذينا بنقلك بعد قتلك بدمائك، فقام وجلس على ضفة الحفرة فأطلق عليه البندقية، فسقط يتضرج بدمائه، ثم قال الأمير سالم للشاب قم واجلس إلى جانب صاحبك، فقال الشاب يا سيدي يقول الله "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين" فقال وأيضًا تعرف القروة، أي "القراءة" ثم ضربه بعقب البندقية وانتهره، فقام الشاب إلى جانب صاحبه واستسلم للقتل بأن جعل يديه على رأسه، وكان هدفًا للقتل، فأطلق عليه البندقية فحبسها الله عنه، ثم أطلقها ثانية وثالثة ورابعة وهي تحبس، ثم جاء الأمر إلى الجلادين من الحاكم ابن متعب بالتوقف عن القتل، فسلم الشاب وفرّ على وجهه وكتبت له النجاة.