بالشجاعة الفائقة والصلابة القوية والقوة الطاغية الذي كانت نظرته تذيب الشجعان، ومع هذا فإن ابن سعود هزمه وقتله، فالشجاع لا يغلبه إلا الشجاع، وقديمًا قيل:"لا يفل الحديد إلا الحديد".
ومما عرف من قوة عبد العزيز بن عبد الرحمن الجسمانية العظيمة الطافحة أنه اتكأ مرةً على باب سيارة فورد جديدة فخلعه، وأن الجواد الصبور ينوء بحمله، وكان في بعض غزواته راكبًا وعمره في العشرين، فلكز دابته بعصاه فركضت به، فوقع على الأرض وكان مريضًا إذ ذاك فوطئته جمال رجاله واستطاع أن يركب ويحارب في اليوم الثاني.
[أخلاقه ونشأته]
كان كبير القلب كبير النفس كبير الوجدان، انتهت إليه الفضائل العربية بأجمعها، قليل النوم، كثير التيقظ، عظيم الانتباه، كريمًا إلى حد السرف، وكان ذا عدلٍ وإنصاف، وآتاه الله بسطة في العلم والجسم، وعليه البهاء، وله الهيبة العظيمة.
ولما بلغ السابعة من عمره أرسله والده إلى المدرسة في الرياض حين كانوا فيها، فكان يقرأ القرآن ولا يترك الصلاة، ويألف المسجد ويصوم، وقد أبعده والده عن أسباب الفسوق كعادته مع أبناءه.
ذلك الإمام عبد الرحمن بن فيصل، فلا يهمل في تربية أبناءه، فإنه كان شديدًا عليهم في التأديب، وحملهم على مكارم الأخلاق وما ذاك إلا لما أودعه الله عز وجل من السلوك على طريق الحق كعادة الوهابية، كيف لا وهو من سلالة محمد بن سعود الذي نصر الحق بنفسه وأولاده.
ولما كان الإمام عبد الرحمن يتوسم في هذا الابن أمور النجاح وأسبابه، كان يمرنه في حال صغره على معاناة المشاق، ويصلب عوده ونفسه وجسمه، فكان يبعثه تحت الشمس القائظة إلى خارج الرياض ويكلفه المسير في منتصف النهار على الرمال الحارة حافي القدمين، ويأمره بمغادرة فراشه مبكرًا، كل هذا ليجعله قويًا شديدًا.