قد قضى زمانًا طويلًا في قطر والتفت الأمة عليه هناك وبذل مجهودًا في التعليم وانتفع به أهل الخليج وكان موضع الثقة والتقدير هناك ويخضعون لتوجيهاته لأنه كان مسددًا ومحترمًا لديهم ولما أن كان في سنة (١٣٥٨ هـ) ذهب لزيارة المملكة العربية السعودية وتعرف على الملك عبد العزيز فاستبقاه عنده وجعله هيئة تمييز للقضايا الشرعية مضافًا إلى ذلك أن كان مدرسًا في الحرم المكي الشريف ورئيسًا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورئيسًا للوعاظ الذين استقدمهم جلالة الملك للحجاز فهذه أربع وظائف تقلدها فقام بها أحسن قيام مع العلم والبصيرة وأن البصيرة من الفرائض وكان موضع الإعجاب. ولما أن كان في سنة (١٣٦٤ هـ) فتحت دار التوحيد وجعل له الأشراف عليها فكان يتفقد سير الدراسة والمدرسين فيها، وفي ٢٧ ذي الحجة أسندت إليه إدارة المعارف العمومية وباشر هذه المهمة بجد ونشاط في آخر السنة المذكورة وقام بتنظيمها مدة طويلة كان فيها مثال الدأب والاجتهاد وقد أدخل تعديلات كثيرة على نظام التعليم، منها: استقدام العلماء الأزهريين من مصر لأول مرة، ومنها: أنه افتتح مدارس نظامية عديدة في مناطق نائية من المملكة ووضع نظامًا حسنًا للتفتيش والمراقبة، ومنها: تحسين دار التوحيد وقام بها خير قيام ولما أن فتحت كلية الشريعة في مكة الكرمة التي تعتبر أول تعليم جامعي في المملكة وأسند إليه الإشراف عليها قام يجلب إلى ذلك أفاضل العلماء من المدرسين ويتأكد من استقامتهم وحسن عقائدهم وقد لا يكتفى بمجرد الشهادات في التوظيف بل يتأكد من صلاحيات المدرسين واتجاهاتهم ويبحث ويناقش ومن أحسن أفعاله وما اهتدى إليه بتوفيق من الله عزَّ وجلَّ له أن جعل مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب مقررات في المدارس لبث العقيدة وتوجيه النشئ إلى ذلك وأنها لخطة يشكر عليها وتدل على حسن معتقد الرجل. وكان يقول لي مرة أريد نهضة علمية ويكرر هذه اللفظة نعم أنه نهض بالمعارف لما هو عليه من حسن النية والعقيدة نهضة علمية وقد تخرج من دار التوحيد وكلية الشريعة رجال خدموا أمتهم وكان منهم من هو مثالًا في العلم والأدب ومن