استهلت هذه السنة والإمام الأعظم في نجد كلها عبد الله بن فيصل بن تركي، ففيها أمر الإمام عبد الله بن فيصل على جميع رعاياه من البادية بالجهاد وسار بهم إلى ناحية الشمال فأغار على عربان الظفير وهم على شقراء المعروفة بالقرب من الهور، وكان قد سبقه النذير إليهم وانهزموا، فأخذ منهم إبلًا وغنمًا ثم قفل إلى الرياض وأذن لمن معه من أهل النواحي بالرجوع إلى أوطانهم.
[ذكر ما جرى فيها من الحوادث]
ففيها وفاة أمير الجبل طلال بن عبد الله بن رشيد، وذلك لأنه أصابه خلل في عقله كسحر، فعرض نفسه على طبيب فذكر له أنه بعد العلاج يصح ولكنه يكون ضعيف العقل كفلان لمجنون عندهم فجزع وقتل نفسه.
ثم تولى الإمارة بعده أخوه متعب بن عبد الله.
وفيها خرج سعود بن فيصل من الرياض مغاضبًا لأخيه عبد الله، فتوجه إلى محمد بن عائض بن مرعي رئيس بلدان عسير، فقدم عليه وأقام عنده مدة يطلب منه النصرة، ولما علم الإمام عبد الله بن فيصل باستقرار أخيه سعود عند ابن عائض أرسل بهدية إلى ابن عائض صحبة الشيخ حسين بن حمد بن حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ سعد بن ربيعة، وكتب إليه بأن خروج سعود من الرياض من غير سبب يوجب ذلك، وأن مراده قطيعة الرحم والشقاق، وكتب إلى سعود يأمره بالقدوم إليه وأنه يعطيه ما طلب، فأبى سعود أن يرجع إليه، وأقام حسين والشيخ سعد هناك مدة أيام وقد أكرمهما محمد بن عائض إكرامًا جزيلًا، ولما أن يئسا من رجوع سعود، طلبا من ابن عائض الأذن لهما بالرجوع فكساهما وأعطاهما عطاء جزيلًا، وأذن لهما بالرجوع وأرسل معهما بهدية للإمام عبد الله بن فيصل، وكتب إليه كتابًا قال فيه أن سعود بن فيصل قدم علينا وطلب منا المساعدة والمناصرة فلم نوافقه على ذلك وأشرنا عليه بالرجوع وترك الشقاق فلم يقبل.