للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على يقين أن كتابكم الذي وصلنا لم تحرروه إلّا مرغمن وعلمنا من فحواه أن العدو لم يضطركم إلى هذا إلا لضعفه وعجزه، إنني لم أترك مكة إلا لأمرين: أولهما: عدم القتال فيها حرمة لها، والثاني: حفظكم من مثل ما حصل في الطائف، وإني عاهدت الله على الموت في سبيلكم وإنقاذكم بعون الله فاصبروا، صبر الكرام، وقريبا إن شاء الله يكون الاجتماع بكم في حرم الله على أسر حال.

وقد شكا الأهالي إلى السلطان عبد العزيز تضييق الإخوان على الناس، وشتمهم خصوصا أهل الغطغط يخاطبون من يدخن بقولهم: يا مشركين وقد يضربون المدخن في بعض الأحيان، فطيب بالهم السلطان، ولكنه سمع من الإخوان مسوغا لذلك "يا الإمام إنهم يدخنون يشربون التتن يا عبد العزيز ولا يصلون" فأمر السلطان بالمنع من الضرب والشتم، ولما أن جعل السلطان خالد بن لؤي على شؤون الإخوان، جلس خالد أميرا في مكة، كما أنه جعل الشريف هزاعا على بدو الحجاز، وجعل كذلك حافظ وهبه بينه وبين أهالي مكة وجعل مقره في الحميدية، وفرغ ابن سعود من الشؤون الداخلية تفرغ للشؤون الخارجية.

[ذكر المفاوضات بين ابن سعود ووسطاء الصلح]

قد قدمنا أن الشريف حسينا قبيل سقوط الطائف عين وزير خارجيته فؤاد الخطيب سفيرا لدى حكومة إيران فبادر السفير الجديد إلى التأهب للسفر مسرورا بوظيفته هذه، وما سافر عن طريق البحر من جدة مصحوبا بكاتب سره وترجمانه ومرافقه كلها من عبيد وغيرها، ووصل إلى عمان في طريقه إلى بغداد فطهران حتى وصلته دفعة واحدة أخبار الحجاز كلها فجاءه بعد ذلك أمر من الحكومة الجديدة، حكومة علي أن يرجع إلى وظيفته السابقة، فحدثته نفسه أن يسعى في السلم بين نجد والحجاز سعيا موفقا، واتفق ببعض الأذكياء وهو أمين الريحاني فتفاوضا ثم اتفقا بالأمير عبد الله في مقر بعمان، فرغب بالتوسط بين أخيه وعظمة السلطان، ووافق لذلك برقية جاءت لفؤاد الخطيب من الملك علي لذلك الموضوع فقبل