الريحاني، وظن الأمر قد تعين عليه فسافرا إلى السويس، ثم إلى جدة في اليوم الذي هو ٧ ربيع الثاني، فوجد المستر فلبي رسولا قد سبق إليها.
إن فلبي هو المستعرب الإنكليزي وقد يكون مندوبا من الحكومة البريطاية للتوسط بين الملكين، ولكن المعتمد الإنكليزي بجدة "المستر بولارد"، قد كذب ذلك بل حقق أنه متطوع بالصلح لا موفدا فأعجب الشريف عليا وساطة فلبي، قائلا: هو صديق لابن سعود وصديق لنا وقد عرض فلبي سعيه بواسطة وكيل الحكومة العربية السابق بلندن فقبلت، ثم قدم إلى جدة رسول آخر هو "طالب النقيب" الذي كان يومئذ في الأسكندرية، وطالب هذا قد مر ذكره في هذا التاريخ، ويعتبر صديقا لابن سعود، فإذا كان ابن سعود لا يقبل وساطة فلبي ولا غيره، فلا بد أن يأذن بالزيارة في الأقل لمن اجتمع به مرارًا في الكويت وفي البصرة، وكان ضيفه في القصيم، وتوسط بينه وبين الترك، وهو صديقه طالب النقيب وقد تدخل في عرض الصلح غير هؤلاء كالإمام يحيى، ووفد الهند، والسنوسي، وإمام مسقط، وإمام عمان، وسليمان الباروني، وحكومة إيران، وحكومة مصر، ذلك لأن حكومة علي لما يئست من تدخل بريطانيا رغم صلة الملك فيصل والأمير عبد الله بها عمدت إلى بعض الشخصيات المحبوبة لدى ابن سعود تناشدها الوساطة في الأمر؛ فلبى نداءها من العراق طالب النقيب ومن الشام الأديب الريحاني ومن شرق الأردن المستر فلبي، وهؤلاء منهم من جاء مدفوعًا بدافع العاطفة فقط، ومنهم من جاء موفدا رسميا من قبل حكومته أو بإيعاز من الشريف علي لأن جلهم من أولى الشخصيات البارزة في العالم، هذا وقد تم خط الدفاع حول جدة بما فيه من الاستحكامات والمتاريس والخنادق والأسلاك الشائكة والألغام، وكان على شكل هلال طوله من البحر إلى نحو ستة أميال؛ وكان الملك علي قد استعاد شيئًا من الأمل والاطمئنان بل كانت ثقته بالفوز سلمًا أو حربًا تزداد يوما فيومًا مع ازدياد الجيش النظامي وقوته لأن والده وأخاه عبد الله يبذلان له المال والهمة في الدفاع عن الحجاز قد اشترى بعض الأسلحة من الخارج كطيارات ودبابات ومدافع وذخيرة،