للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا ثلاثة وما لبث رب العائلة بعد رؤيتهم صرعى على وجه الأرض حتَّى هام على وجهه مجنونًا قد سلب عقله، وقد حدَّثنا من رأى تلك الأهوال والمخازي التي تبعث الأحزان وتثير الأشجان وتقشعر لها الأبدان قال: وصلنا إلى مدينة عمَّان فرأيت آثار الغارات الجوية الإسرائيلية الرهيبة على المنطقة، وظهر أن المنطقة تعرضت لقصف شديد جوي وكان مدرج المطار قد تعرض أيضًا لإحدى قنابل النابالم الجهنمية فتحول إلى كتلة من السواد وبدا منظره كئيبًا ومن الأهالي من وجم ومنهم من يخاطب بلغة الملتاع والملهوف ومنهم من يهذي ويتحدث بلوعة الفجوع والمصاب ومن النَّاس من يقلب كفَّيه ونقول كيف وقع الأمر كذلك. قال: ورأيت النَّاس يبكون ورأيتهم في وجوم وفي وضع كريه وفي حالة من الإعياء شديدة وأسى، سكان الضفة الغربية من الأردن بحالة كريهة يرثى لها قد شتت شملهم وانتهبت أراضيهم وأملاكهم وهتكت محارمهم وجرى عليهم من أمر الله ما لا يطاق وجر الدهر عليهم من حوادثه ما لا تبلغه العبادة وأصيبت مصر بذهاب جزء كبير من أراضيها ولولا أن الأمم المتحدة أصدرت أوامرها بكف القتال ووقفه لاستولت اليهود على القاهرة نفسها فعند ذلك قام الرئيس الذي سولت نفسه الاستيلاء على بلاد العرب وأن يبسط يده على نيلها وفراتها ويمنها ونجدها يستجدي من ملوك العرب أن يحموه ويحموا بلاده وإلا فإنَّه سيستسلم لإسرائيل.

[ذكر ما جرى بعد نكسة حزيران]

لما جرت نكسة ٥ حزيران أشاع جمال عبد الناصر لملوك ورؤساء العرب في مؤتمر القمة الرابع بأنه لا بد من أمرين إمَّا أن تسير مصر في طريق الاستسلام أو يعيشوا في طريق النضال الطويل والمرير، ثم علق أمام رؤساء العرب طريق النضال يحتاج إلى الدعم المالي لفناء القوات العسكرية لأنَّ مصر أصبحت محرومة من مائة وسبعين مليون جنيه إسترليني هي عماد الجيش المصري وعماد ميزانيته بعد إضاعة مائة وعشرة ملايين جنيه من دخل قناة السويس وأربعين مليون جنيه من السياحة