على المطالعة لنفسه حتى برع في الكتاب والسنة والأصليين والمذهب ومعرفة الخلاف وسائر العلوم العقلية والأدبية والرياضية، وكانت وفاته في ربيع الثاني من هذه السنة، وكان رحمه الله شيخًا جليلًا متقفيًا لطريقة السلف الصالح مدافعًا عنها، صابرًا على أذى الأعداء فيها تاركًا للتعصب، مع الدين والتقوى والعفة والصلاح زاهدًا في حطام الدنيا متقللًا منها متقشفًا في ملبسه ومسكنه ومعيشته كثير التنقل بين قرى غوطة الشام لتبليغ العلم للعامة وتعليمه للطلبة الذين لا يستطيعون الرحلة، لأن أكثر أهل هذه القرى حنابلة المذهب وارتحل إليه آخرون من الفازان وغيرهما فكانوا يسألونه عن المشكلات فيحلها لهم بأجوبة مفصلة، كان فيما مضى يدرس تحت قبة النسر في الجامع الأموي التفسير، والحديث، والفقه، ثم انتقل أخيرًا إلى مدرسة عبد الله باشا العظم المشرفة على القلعة الفرنساوية، وكان شافعيًا ثم تحنبل، وسبب ذلك كما قال بعض الخواص كنت في أول عمري ملازمًا لمذهب الإمام الشافعي رحمه الله سالكًا فيه سبيل التقليد ثم من الله علي فحبب إلى الاطلاع على كتب التفسير والحديث وشروحها وأمهات كتب المذاهب الأربعة وعلى مصنفات شيخ الإسلام وتلميذه الحافظ بن القيم وعلى كتب الحنابلة فما هو إلا أن فتح الله بصيرتي وهداني للبحث عن الحق من غير تحزب لمذهب دون مذهب فرأيت أن مذهب الحنابلة أشد تمسكًا بمنطوق الكتاب العزيز والسنة المطهرة ومفهومهما فكنت حنبليًا من ذلك الوقت، وكان المترجم رحمه الله يلوح على كلامه علم الإخلاص ونور اليقين فكان قد وضعه بوضع المتقدمين.
[ذكر مؤلفاته]
ألف المؤلفات التي تشهد له بالفضل وسعة الاطلاع غير أن بعضها لم يكمل، ووجهه فيما يظهر ما أصيب به من داء الفالج في آخر عمره حتى خدرت يمناه عن