ولما وصل عبد الله وابنه وأخوه إلى الجبل المذكور ووجدوا الركائب هناك، فركبوها وقصدوا بلد الرياض، فلما وصلوا إلى الرياض دخلوها واستبشر بهم أهل الرياض، وحصل لهم الفرح والسرور، وفيها نزل ثقل بن رويضان ومن معه من عربان السهول بالقرب من بلد شقراء، وكثر منهم النهب والفساد فخرج عليهم أهل شقراء وحصل بينهم وبين السهول قتال شديد، فصارت الهزيمة على السهول، وقتل منهم عدة رجال من أعيانهم ثقل بن رويضان، وأخذ منهم أهل شقراء من الأغنام والأمتعة شيئًا كثيرًا.
وقتل من أهل شقراء في هذه الوقعة محمد بن سعد البوادري.
وفي آخر هذه السنة في ذي الحجة غزا الإمام عبد الله بن فيصل بأهل الرياض وضرما، وأخذ آل شامر بالقرب من عليا وقتل منهم عدة رجال وقتل في هذه الواقعة محمد بن عبد الله بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود رحمه الله تعالى.
[ثم دخلت سنة ١٢٨٩ هـ]
استهلت هذه السنة والفتن في نجد تغلي مراجلها، وكان الأمير في حائل محمد بن عبد الله بن رشيد والأمير في عنيزة زامل بن عبد الله بن سليم، وكان الأمير في بريدة مهنا الصالح أبا الخيل.
أما الرياض فكان فيها الإمام عبد الله بن فيصل، وأما الأحساء والقطيف فقد استولت عليها عساكر الدولة العثمانية، وفيها اشتد الغلا والقحط في نجد وأكل الناس الميتة وجيف الحمير، وصار كثير من الناس يأكلون الجلود البالية بعد حرقها بالنار، ويدقون العظام ويأكلونها، ويأكلون البرسيم (القت) وأكل ورق الزرع والأشجار، فأثّر ذلك في وجوه الناس وأرجلهم نفخًا وأورامًا ثم يموتون بعد ذلك، وعظم الأمر ومات لذلك خلائق كثيرة جوعًا، فمن لم يمت بالسيف مات من الجوع وجلى كثير من أهل الوشم وسدير والرياض إلى الأحساء والزبير والبصرة والقصيم، واستمر الغلاء والقحط إلى آخر السنة التي بعدها وهذا من آثار الذنوب والمعاصي.