ويواسي وإن كان عن قلة، وكان سريع الانفعال كثير التقلب لا يبالي بالنظر في العواقب، وقد أقلع عن مقالته غير مرة ثم رجع إليها.
ومن تقلبه أنه مرَّ في مجلس تدريسه في المسجد الجامع في بريدة، ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فبالغ في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأغلظ القول في ذلك، وأن القائمين به مقصرون، ثم إنه رفع يديه وهو يدرس فقال: اللهم فلانًا لكبير الأمر بالمعروف في بريدة، وجعل يكرر لعنه بين الحاضرين، كما أهمل أمرك يا ربنا ونهيك، فلما خرج الشيخ بعد التدريس التقى بهذا الرجل كأن لم يكن بدر منه شيء، غير أن ذلك قد امتلأ حقدًا من كلامه فيه وجرى بينهما ما يستحيا من ذكره.
وكان المترجم له عشيرة وأصحاب يأخذون برأيه ويعملون بقوله ويعجبون بتوجيهاته، ثم إنه دعا به ابن سعود إليه وأشار له بأن أهل حائل يريدون قاضيًا، وأنه يجمل به أن يذهب لسد ذلك الفراغ، وألزم عليه أن يسير إلى تلك الجهات، فأجمع أمره وسار على مضض يريد بلاد حائل، ومنها سار إلى الكويت فتوفاه الله بها، فالله المستعان.
[ثم دخلت سنة ١٣٣٠ هـ]
استهلت هذه السنة والأحوال في الدولة العثمانية مائجة مضطربة، وقد شددت أيطاليا على اليمن وطأتها وضيقت المنافذ، ولم تفد تجهيزات الحسين الشريف لإخماد الثورات هناك شيئًا.
[ذكر مطلب الوحدة العربية]
قد أسلفنا ذكر الانقلاب في الدولة العثمانية، وذلك بعدما خلع السلطان عبد الحميد افترقت الأتراك، فخبطت حكومة الاتحاد خبط عشواء وتلطخت أيدي زعمائها بدم الأبرياء، فنفرت منها كل العناصر من غيرهم، فلأجل ذلك أخذ كثير من أهل الغيرة والحمية تفكر مليًا فيما عليه سلاطين آل عثمان وما ستؤول إليه