ويخبط صاحبها الهوام والحجارة خوفًا من سطوة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل فيؤتى بالضالة التي ألجأها المبيت إلى بعض البيوت فيا للعجب العجاب، إنها لنكتة يجب علينا أن نحلي بها تاريخنا.
[عجيبة ثالثة]
حج في هذه السنة رجل من أهل حلب أشمط كان طوله قدرًا من ذراع ونصف ذراع، وجهه وجه رجل، وقدر جلوسه كابن أربع سنين، ومن مرفقه إلى أنامله قدر من تسع أصابع، أما قدر وركيه وساقيه فثلثا ذراع، وكان أبيض اللون، سمينًا، قارئًا للقرآن، فصيحًا عربيًا، ولما أن ورد إلى المملكة العربية السعودية للحج مانعت الحكومة من دخوله خشية أن يكون من يأجوج ومأجوج، وبعد سؤال وجواب وبحث ومراجعات سمح له بالدخول، ولقد افتتن به الناس ينظرون إلى خلقته ويعجبون من رؤيته، فسبحان الخالق لما يشاء والقادر العظيم، كذلك رأينا رجلًا أسمر اللون مقعدًا وله في ذراعه يدان والذراع الأخرى فيها يد ليس فيها سوى إصبعين، فتبارك الله أحسن الخالقين.
وممن توفى فيها من الأعيان الزاهد العابد: علي بن منديل، كان حلو النصائح كثير التسبيح والحمد والتهليل والتكبير، فتراه يمشي على تلك العصاء الضخمة الغليظة رجلاه مسترخيتان، فإذا لقي أحدًا من الناس قال له: قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، يغرس لك بها شجرة في الجنة، ثم يذهب إلى النساء اللواتي ينقلن الماء العذب للبيوت في مجامعهن على الآبار فيقف ويتكلم قائلًا: لا تكثرن الكلام بغير ذكر الله، أكثرن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير يغرس لكن شجر في الجنة، وإذا رأى من يحب حمله السلام إلى والدته وأن يبلغها ذلك، وما زال يلهج بالموت وذكره والرحيل إلى الآخرة حتى مات ونقل اليها، وكان فقيرًا ومحبوبًا لدى الناس، تسمع موعظته وإن كان أميًا، وذلك لأنه كهل طلق المحيا.