بنفقات تقوم بأودها لأن الخزينة اليمنية لا تتحمل ذلك، فقدر ابن سعود له مبلغ ٢٥٠ ألف ريال شهريًا، ثم كتب يحيى يخبره أن عبد الوهاب الإدريسي سيعود إليه مع كل الفارين، ولن يبقَ مع الحسن إلّا أسرته، فأجابه ابن سعود بأنه ينظر إلى الإمام يحيى نظرته إلى أخ كريم فليعمل ما يريد.
هذا وقد أبقاهم يحيى عنده آلة يستعملها عند الحاجة، قابل إخلاص ابن سعود وإحسانه بالمماطلة والمخادعة، ولما انتهت الثورة حرص ابن سعود على حصوله ما كان مؤملًا من الاتفاق وأن يرسل وفدًا لحل المشاكل، فأجابه يحيى بالقبول وأنه يؤمل من جلالته أن يرى الوفد في صنعاء وأن يطلق له العنان لحل كافة الأمور بين الجانبين وبالأخص المسائل العائدة إلى الحدود، فلما أن ذهب هذا الوفد تلقاه بكل مكروه وإساءة.
[ذكرى ما لقيه وفد ابن سعود من الإهانة]
لقد كان يحيى من دهاة الرجال ومن أكبر أمراء العرب، بل من سادات ملوكهم، غير أن فيه خصلتين مذمومتين، كان بخيلًا ومخادعًا، وهما وربك صفتان مذمومتان شرعًا وعقلًا، ولما أن سار وفد جلالة الملك ابن سعود إلى صنعاء محفوفًا بالإكرام والاحترام، ما كاد يصل الحدود اليمانية من جهة ميدي حتى شاهد معالم الزينات والفرح تعلنها الحكومة اليمانية رسميًا ابتهاجًا باحتلال نجران، غير ناظرة إلى ما في ذلك العمل من عدم اللياقة والإنصاف، وأنها لعثرة قوية في طريق الصداقة والألفة التي تعمل الحكومة السعودية لغرسها، فلما شاهدوا ذلك وهو احتلال الجنود اليمانية لنجران ما كان هذا برادهم شيئًا عما هم فيه من السعي لتحصيله.
وكان هذا الوفد مؤلفًا من: تركي بن ماضي، وخالد بك أبو الوليد القرقني، وحمد السليمان، فلم يقل أعضاء الوفد شيئًا، بل واصلوا السير غير ناظرين إلّا إلى الغاية العليا التي يسعون للحصول عليها، لأنهم كانوا يسعون وراء عمل أعظم وأشرف من هذا، فلما أن قدموا صنعاء لقوا حظًا وافرًا من الإساءة