لما عاين ابن سعود المنشورات استشاط غضبًا وعدل عن السلم إلى الحرب، ودعى بالعويني فأبقاه عنده، ثم جمع الإخوان في ٤ جمادى الثانية وعقد مجلس بالشهداء حربي، فلما حضر الإخوان وجميع القواد في الجيش السعودي تكلم سلطان بن بجاد بن حميد، الذي يسمى سلطان الدين، فقال: يا عبد العزيز إننا نعلم أن لا صلاح في أمر دين ولا دنيا للمسلمين عمومًا، ولهذا البيت وأهله خصوصًا بوجود الحسين وأولاده في الحجاز، فإذا كان ثابتًا عندنا ونعتقده دينًا فما المانع من الزحف عليهم وقتالهم، فإن كنت تخاف على أحد من رعايا الأجانب أو أحد من أهل جدة فلك منا العهد والميثاق أننا لا نمسهم بشر إلا من برز منهم لقتالنا أو بلانا بنفسه، ونحن كما تعلم نتجنب ما تأمرنا بتجنبه، والآن فلا بد لنا من أحد أمرين، الأول أن تعلمنا الطريق الذي يجب أن نسير فيه ونحن نكفيك مؤونة الأمر، الثاني إذا كنت لا توافق في الزحف لما تراه من الأمور التي أنت أعلم بها منا، فلا يجوز أن نظل بعدين عن أعداء الله هذا البعد، بل يجب علينا أن نقترب منهم ونضيق عليهم الخناق حتى يحكم الله بيننا وبينهم.
أما الأمر الأول فهو مرامنا، وأما الثاني فليس إلا مرضاة لخاطرك بالإمام، لأن الله أوجب علينا طاعتك، ثم تكلم خالد بن لؤي فقال: يا عبد العزيز إني أقول كلمة وإن كانت تغيظك، كنا نتحدث فيما بيننا ونقول: قد بدّل عبد العزيز الشجاعة بالجبانة، وكنا قبل قدومه نتمنى قدومه، أما اليوم فصرنا نقول ليته ظل في بلده بعيدًا عنا، فإن كان هناك دليل شرعي يؤخرنا عن القوم فبينه لنا حتى نتبعه وما نحن إلا خدّام الشرع، وإذا كان لا قصد لك غير الشح بأنفسنا عن الموت فما من أحد يموت قبل يومه، وما نتمنى والله أن نموت إلا شهداء، فأي قتال تراه أفضل من قتال الحسين وأولاده، هذا خطابهما لجلالة الملك، وما كان فيه أعني الملك من جبانة، فأجابهما قائلًا: الرأي، الرأي، الآناة، الآناة، وهذا يعد من دهائه وبصيرته