بل شجاعته، لأن المقام ضخم جدًا، فالمؤاخذة بالعجلة قبل المعذرة من كل جهات العالم الإسلامي الذي ملا أذنيه الحسين وأبنائه كذبًا وزورًا مما يخول لذلك قبولًا.
وبذلك استطاع بالرغم من كل الدعايات أن يقف كل الدول وفيها حلفاء الحسين نفسه، ويقف البلدان التي يتولى شؤونها إخوة ملك الحجاز علي بن الحسين وقفة المكتوف، فلا يسعها عونه وهم ينظرون سقوطه شيئًا فشيئًا.
فلما كان في ٧/ ٦ جاء كتاب من مكة إلى الملك علي أرسله أحد أنصاره في مكة سرًا، فيه أن جنود خالد نقلت من الأبطح ولا يدري أين وجهت، وأن خالدًا هو عند السلطان بالشهداء، وأن السلطان يتأهب لنقل المخيم إلى بحرة، فلما قرأه الملك علي عبس واضطرب وجعل يدخله في جيبه ويخرجه ويقرأه بمسمع من رئيس الحكومة ووزير الخارجية وأمين الريحاني.
ثم قدم في آخر اليوم مساء جماعة من أهل جاوة إلى جدة، فأخبروا أنهم أتوا من مكة وأن ابن سعود بألف من جنوده وصلوا إلى حداء، وكان الذي بعث السلطان على إعلان الحرب ثلاثة أمور:
الأول: الأشراف الذين عنده مثل شرف عدنان، والشريف باشا العبدلي، والشريف هزاع بن فتن بن منصور، اجتمعوا وقالوا للسلطان: إذًا قد ناصرناك وواليناك فإنا نخاف على أنفسنا من الملك علي إن عاد تصالح من عاديناه من أجلك أتتركنا في بلادنا ينكل بنا ونحن الآن من رجالك.
الثاني: الإخوان قاموا يستبسلون ويرغون ويزبدون، خلنا عليهم يا إمام أولئك الإخوان الذين فضلهم لا ينكر يشهد لهم التاريخ بالفتوحات الإسلامية والجراءة العجيبة العربية، أولئك الأسود في العرين الذين فرائسهم الأمراء والملوك، فلا عيب فيهم في تلك الآونة سوى أن ساستها أعظمت قيودها وإذا حطمت قيودهم فيا ويل من كان أمامهم.
الثالث: المنشور الذي ألقته الطائرة على مخيمه، فما كان لسطوته أن يستهان بها وما هو بالذي يوقف في طريقه أو يصبر على الضيم، وما كان العدو في محاولاته إلا أنه يقوم بحركة مذبوح.