[ذكر قتل الأسراء بعد الوقعة وما جرى من ابن رشيد من الظلم والجراءة التي سيجازيه الله عليها وقد قتل وما بلغ مراده]
فنقول لما انهزم ابن صباح وجنوده وولوا الأدبار لا يلوي أحد على أحد، أقام ابن رشيد أميره سالم بن سبهان وأمره أن يتبع الفلول حتى جمع خلقًا كثيرًا، فأودعوا في الحبس.
ثم نصب الأمير سالم خيامه بين بريدة والصريف بعدما امتلأت السجون، فكان يقتل من وجده ولا يرقب فيهم إلا ولا ذمة، وكانت القتلى في حال الوقعة لا تزيد عن ثلاثمائة، ثم إنه جلس الحاكم عبد العزيز بن متعب على دكة وأمر بالأسراء أن يصبروا بين يديه، وكانوا أربعمائة، فجيء بهم يسحبون بين يديه على وجوههم وقتلهم واحدًا بعد واحد، وسخر أناسًا يسحبونهم بعد القتل وهو ينادي لا تدفنوهم مع المسلمين.
وقد حدثني ثقة من المسخرين، قال: كنت ضئيل الجسم إذ ذاك، وأدركتن الرحمة، فكنت لا أتمالك من البكاء، وعجزت عن العمل فشتموني وطردوني، ثم إنه أتى ابن رشيد برجل شاب من أهالي الكويت يريد أن يفتدي نفسه بعشرة آلاف ريال، فأبى أن يقبلها وقلب فيه النظر قائلًا: نحن لا نريد الفلوس، إنما نريد الرقاب ثم قتله.
وممن قتل فيها من أعيان أهالي بريدة دحيم بن محمد الربدي (١) وقتل ابنه سليمان.
(١) كان قد قام سبهان وذهب بعبد الرحمن الربدي إلى عبد العزيز بن متعب بن رشيد يريد أن يأخذ له وجاهة ليسلم من القتل، ولما قدم به على عبد العزيز بن متعب بن رشيد، كان قد قتل من بيت آل رشيد مهنا وسالم أبناء حمود العبيد بن رشيد، فلما خاطب سبهان الحاكم ابن متعب بشأن الربدي تقدم أبناء حمود العبيد وعمهما عبد الله العبيد آل رشيد وأناس من آل رشيد عددهم إثنا عشر وقالوا لسبهان: والله لإن لم تحضر دحيم الربدي لنقتلنك به، فأحضر الربدي وقتله بن متعب بالذين قتلوا من آل رشيد.